قبلكم شبرا» فما ذا يا ترى يمكن أن يقوله هذا القائل فيهما؟!!.
رابعا : ليست الصحبة بمجرّدها درعا حصينا لا تنال من تدرع بها معرّة أو لا يمسّه سوء ، وإن ارتكب ما ارتكب ، فإنّ هذا شطط من القول ، ومرود على الحق ، وبعد عن الصواب ، فليست صحبة النبي (ص) من موجبات الحكم بالإيمان ، أو العدالة ، أو حسن الظن فيهم ، ولا توجب الاقتداء بهم وقد أجمع المسلمون على أنّ من لقي النبي (ص) ، وآمن به ، ومات على الإسلام ، فهو الصحابي الجليل ، كما أجمعوا على أنّ الإيمان ، والعدالة ، أمران اكتسابيان ، وليسا ذاتيين طبيعيين للإنسان. فالصحابي كغيره من الناس لا يثبت إيمانه إلّا بيّنة ، ولا تتحقق عدالته إلّا بحجّة ، فمن ثبت إيمانه وعدالته كان واجب التقدير والاحترام ، ومن ثبتت جرائمه ونفاقه فلا وزن له ، ولا قيمة ، ولا كرامة له ، ولا احترام. فإنّ الإسلام لم يأت باحترام المنافق ، وإكرام الفاسق ، كائنا من كان. ومن قال غير هذا فقد خان الله تعالى ورسوله (ص) وجماعة المؤمنين ، إلّا أنّ جماعة ، ويا للأسف أفرطوا فيهم ، فحكموا بعدالتهم أجمعين ، مهما ارتكب بعضهم من المحرّمات ، وهتك الحرمات ، وقتل النفوس البريئة بغير حق ، وينسبون من أساء إلى هذا النوع منهم بجرح ، أو نقد ، أو قدح ، أو تبين في أمره إلى عدم التأدب مع أصحاب النبي (ص)! ونحن إنّما نسيء إلى هذا الصنف منهم تقديسا لرسول الله (ص) ، شأن الأحرار في عقولهم ، ممّن فهم معنى التقديس والتعظيم للنبي (ص) ، تمسكا بالكتاب والسنّة الحاكمين بوجوب الابتعاد عن الفاسق ، ومحاربة المنافق ، بصورة عامة ، والتبرؤ منهم ، ووجوب التبين في أخبارهم.
ولا ريب في أنّ هذا هو المعنى الحقيقي لتعظيم النبي (ص) وتقديسه ، وهو الذي يعضده المنطق العلمي ، والدليل الشرعي ، وبعد :