يكون الاختلاف الواقع بينهم ناتجا من اجتهاد ، صوابا أو خطأ ، وهم يشتم بعضهم بعضا ، ويقاتل بعضهم بعضا ، ويحكم بعضهم بكفر بعض؟ ولنضرب لكم الأمثال تستطيعون من ورائها أن تقطعوا بصحّة ما نقول :
فقد أخرج البخاري في صحيحه ص ٧٤ من جزئه الثاني في أول كتاب الصلح : «إنّ الصحابة قد تشاتموا مرة أمام النبي (ص) ، وتضاربوا بالنعال» وأخرجه مسلم في صحيحه في آخر باب دعاء النبي (ص) إلى الله تعالى من كتاب الجهاد ص ١١٠ من جزئه الثاني.
وتقاتل الأوس والخزرج مرة على عهد النبي (ص) ، وأخذوا السلاح ، واصطفوا للقتال ، على ما ذكره على بن برهان الدين الحلبي الشافعي في (سيرته الحلبية) في آخر ١٠٧ من جزئه الثاني والدحلاني في سيرته بهامش (السيرة الحلبية) وهذا قليل من كثير لا يجهله من وقف على سيرتهم من كتب التاريخ ، والحديث ، والسيرة ، كالطبري ، وابن الأثير ، في تاريخهما ، وقد ذكرنا لكم فيما مرّ ، ما صدر منهم من المخالفة لأوامر النبي (ص) ، ونواهيه ، وما وقع منهم من الاستخفاف بالشرع المبين ، وتهاونهم بأحكام الدين حتى قال الله تعالى ، في ثليهم وتوبيخهم ، قرآنا ما يغنيكم عن التدليل على بطلان ما ادّعاه هذا المستدلّ لهم من الاجتهاد ، فبالله عليكم أي اجتهاد هذا مستند إلى الكتاب والسنّة ، ليكون ناتجا عن صواب أو خطأ؟ فهل يا ترى من الاجتهاد الموافق للنصّ ، أن يتضاربوا أمام النبي (ص) بالنعال ، أو يتشاتموا بحضرته ، ويضرب بعضهم رقاب بعض ، على مرأى منه ومشهد؟ ألم يقل النبي (ص) على مسمع منهم ومنظر «سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر» على ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه ص ١٢ من جزئه الأول في باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر من كتاب الإيمان؟ ألم ينصّ القرآن الكريم على وجوب تعظيم