لكم ما حقّقناه قول قائلها : «فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه» على ما سجّله عليه ابن حجر الهيثمي في (صواعقه) في الشبهة السادسة من شبهات كتابه ، كغيره من مؤرخي أهل السنّة وحفّاظهم.
الرابع : إنّ ما يقع عليه الشورى بين المؤمنين ، إمّا أن يكون من دين رسول الله (ص) ، أولا. فإن كان من دينه (ص) فقد أكمل الله تعالى له دينه في حياته بقوله تعالى كما مرّ : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) فلا يحتاج إكماله إلى الشورى ممّن لا يوحى إليهم ، اللهم إلّا أن يقول خصومنا بنزول الوحي على أهل السقيفة في عقدها بعد وفاة النبي (ص) ، وانقطاع الوحي ، وهذا لا يقول به من كان من الإسلام على شيء ، وإن لم يكن ما وقعت عليه الشورى من دين رسول الله (ص) فيحرم اتّباعه لأنّه مشاقة لله تعالى ولرسوله (ص) فلا يستحقون المدح عليه ، ولا يكونون مجتهدين مصيبين فيه ، ولا يجوز الأخذ به لقوله تعالى في سورة النساء آية ١١٥ : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى ، وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ، نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى ، وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً).
ولا شك لمسلم في أنّ سبيل المؤمنين هو سبيل النبي (ص) ، وسبيل النبي (ص) هو دينه الذي أنزله الله تعالى عليه (ص) كاملا غير منقوص ، ولم يكن منه قطعا ما حدث في السقيفة بعد وفاته (ص) ، وحينئذ يختصّ مدحهم والثناء عليهم في خصوص تطبيقهم ما أنزل الله تعالى على رسوله (ص) ، تطبيقا كاملا لا على إدخالهم في دينه (ص) ما ليس داخلا فيه ، كما حدث ذلك فيها كما لا يخفي على أولي النهي ، فإنّهم لا يكونون من أهل هذه الآية ، ولا يدخلون في منطوقها ، ولا تنطبق عليهم أبدا.