فيما بعد عصره (ص) ، فمع أنّه موجب لبطلان عموم الحديث ، لا يجد بكم نفعا لأمرين :
الأول : إنّه لا يثبت التقى لها إلّا بدليل ، والحديث لا يفيده ولا يدلّ عليه لأنّ العام لا يدلّ على إرادة الخاص بأسمائهم ، وأشخاصهم عند جميع أئمة الأصول ، وغيرهم من العقلاء.
الثاني : إنّه يقابل هذا أنّه يوجد في عصره (ص) طائفة أخرى لا نظير لهم في الشقاوة والنفاق ، فيما بعد قرنه (ص) ، وهم الكذّابون ، والمنافقون ، بدلالة الكتاب والسنّة ، عليه ، كما مرّ عليك.
وإن أردتم خيرية من تظاهر بالإسلام في عصره من الذين يأتون بعده (ص) في العصور المتأخرة ، فكتاب الله تعالى والسنّة النبويّة يبطلانه : فمن الكتاب قوله تعالى في سورة التوبة آية ٥٦ : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ) فأخبر تعالى عن طائفة في عصر رسول الله (ص) أظهرت الإسلام ، وأبطنت خلافه ، وقال تعالى في سورة آل عمران آية ١٥٤ : (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ ، يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ) وصراحة هذه الآية فيما قلناه تغني عن البيان.
وأمّا السنّة فحسبكم ما تقدم في صحيح البخاري وغيره من صحاح أئمة أهل السنّة وحفّاظهم من أحاديث الحوض والبطانتين وحديث : «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا» الصريحة في أنّ في أصحاب النبي (ص) بطانة الشر ، كما فيهم بطانة الخير ، وفيهم من تابع سنن من كان قبلهم من اليهود ، والنصارى ، ومن كان على خلاف ذلك ، وفيهم من لا يخلص من النار ، وهم جمهورهم ، وفيهم