المؤاخذة في العاجل عن أمة نبيّه محمد (ص) ، وترك تعجيل مؤاخذتهم ، لمسهم منه تعالى عذاب عظيم.
رابعا : لو سلمنا وفرضنا أنّه تعالى يريد العفو المطلق ، ومع ذلك فإنّه لا يصح على العموم ، لاستلزامه التناقض في كتاب الله تعالى ، وهو معلوم بالضرورة من الدين بطلانه ، فلا بدّ أنّه يريد العفو عن طائفة منهم ، لا جميعهم ، ويؤكده قوله تعالى في سورة التوبة آية ٦٦ : (إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ) وعلى أي كان العفو ، فإنّه لا يثبت عصمة المتقدمين على عليّ (ع) من الخطأ ، ولا دليل لكم على تميزهم عن غيرهم ، غير ما ذكرتم من معنى العفو ، وذلك كما تعلمون لا يوجب تميزهم ، وخروجهم عن العموم ، وتمسككم بالعموم لإثبات تميزهم عن غيرهم لا يتم لكم إلّا وجه دائر ، وهو باطل ظاهر.
ومما يؤكد لكم أنّ العفو في الآية عما وقع من المخالفة في الماضي لا يتناول الحال ، فضلا عن الاستقبال ، قوله تعالى في سورة المائدة آية ٩٥ (عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) وكلمة (عَمَّا سَلَفَ) مؤكدة لما مضى دون ما يأتي لا سيما إذا نظرتم بدقة إلى قوله تعالى (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) فإنّه يدلكم على الانتقام مع العودة في الحال أو ما بعدها.