نفي الخطأ عنهم والقطع لهم بالثواب في يوم المآب ، لأنهم استحقوا اسم السبق إلى الإسلام ، في وقت من الأوقات ، لوجب ذلك لكل إنسان صبر على مصاب ، وإن اقترف الآثام ، وكان خارجا عن دين الإسلام لقوله تعالى في سورة البقرة آية ١٥٥ وما بعدها (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ* أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ، وَرَحْمَةٌ ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)
فكما أنّه لا قائل بأنّ كل من صبر على مصيبة فاسترجع وقال : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) تكون عليه صلوات من ربه ، ورحمة ، ويكون من المهتدين وإن كان فاسقا ، وظالما ، وقاتلا للنفس المحرّمة ، وحاكما بغير ما أنزل الله ، فكذلك لا قائل من أهل الإيمان بأنّ كل من استحق وصف السبق إلى الإسلام يكون داخلا في الجنان ، مهما ارتكب من المنكرات ، بل لو كان ذلك يوجب القطع لهم بدخول الجنة على كل حال ، ويثبت لهم العصمة من تعمد الخطأ لأنهم استحقوا وصف السبق إلى الإسلام ، لأوجب ذلك لكل من صدق في مقاله ، وإن ارتكب ما ارتكب من الموبقات ، بل وإن كان لا يدين بدين الإسلام لقوله تعالى في سورة المائدة آية ١١٩ : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
فكما أنّه ليس كل من صدق في مقاله يكون من أهل الجنان ومرضيا عنه من الله تعالى وإن لم يكن تقيا بل ولا مؤمنا ، فكذلك ليس كل من وصف بالسبق إلى الإسلام يكون من أهل الجنة وإن عمل السيئات ، وهتك الحرمات.
وإن قلتم إنّ آية السابقين لا تريد العموم كبقية الآيات لا تريده ، وإنّها تريد الخصوص ؛ فيقال لكم : إذن سقط احتجاجكم