السابقين الأولين ، ليكونوا في متناول الآية ، وإنما كانوا من التالين للأولين ، والتالين للتالين ، والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار هم ، عليّ بن أبي طالب (ع) بإجماع الفريقين ، وجعفر بن أبي طالب (ع) ، وحمزة بن عبد المطلب (ع) ، وزيد بن حارثة ، وعمار بن ياسر ، ومن كان من طبقتهم ، ومن الأنصار النقباء المعروفون كأبي أيوب الأنصاري ، وسعد بن معاذ ، وأبي الهيثم بن التيهان ، وخزيمة ذي الشهادتين ، ومن كان من طبقتهم ، كما تجدون ذلك عند سبركم لأحوالهم في مظان الأخبار ، وصحاح الآثار ، من أمناء الحديث والتاريخ عند أهل السنة ، أما أولئك المتقدمون على عليّ (ع) ومن الحقتموهم بهم من أتباعهم فهم من الطبقة الثانية والوعد إنّما جاء من الله تعالى في منطوق الآية للمتقدمين في الإيمان دونهم.
ثانيا : لو سلمنا لكم جدلا وفرضنا أنّ الآية تريد العموم ومع ذلك فإنّها لا توجب نفي الخطأ عن كل من استحق الوصف بأنّه من السابقين الأولين ، ولا يوجب لهم العصمة من الخطأ ولا ينفي عنهم تعمد ارتكابه ، ولا تقتضي القطع لهم بدخول الجنان على كل حال ، وإلا لزمكم أن تقولوا بوجوب ذلك لكل مؤمن استحق أن يوصف بالإيمان وإن ارتكب ما ارتكب من المحرمات وقبائح الأعمال لقوله تعالى في سورة التوبة آية ٧٢ (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ، وَمَساكِنَ طَيِّبَةً ، فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ، وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ، ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
فكما أنّه لا قائل بأنّ كل من استحقّ وصف الإيمان له جنات عدن ، ورضوان ، فكذلك لا يمكن لأحد أن يقول بأنّ كل من استحق الوصف بالسبق إلى الإسلام يكون من أهل الجنان وإن ارتكب من قتل النفس بغير حق ، واغتصب حقوق الآخرين. بل لو كان ذلك يوجب