أبا بكر (رض) ، ودفع له الراية ، فرجع عند ما لاقى مرحبا ، ولم يصنع شيئا ثم دفعها للخليفة عمر (رض) فكان منه ما كان من الخليفة أبي بكر (رض) ، فلما رأى النبي (ص) ذلك قال (ص) (فيما أخرجه الحفّاظ ، وسجّله المؤرخون من أهل السنّة ، كما تقدم ذكره : «لأعطين الراية غدا إلى رجل يحبّ الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، كرّار غير فرّار ، لا يرجع حتى يفتح الله على يده» فأعطاها عليّا (ع) فلاقى مرحبا فقتله ، وكان الفتح على يده).
فيكون الرضا في الآية مختصّا به (ع) ، وبمن كان معه من أصحابه وأتباعه.
وممّا يؤيد ذلك ويزيده وضوحا لكم قوله تعالى : (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً) فإنّ فيه دلالة صريحة على أنّ الله تعالى يسأل المولين الأدبار يوم القيامة عن فرارهم ، ونقضهم العهد ، ولا يصحّ عقلا وشرعا أن يجتمع الرضا عنهم ، والسؤال منهم في حال إطلاقا ، فكيف يا ترى يجتمع هذا مع عموم الآية لهم على ما تدّعون وهو تناقض واضح يتعالى عنه كتاب الله وبيّنات آياته؟.
ونزيدكم بيانا وتوضيحا بقوله تعالى في سورة الأنفال آية ١٥ وما بعدها : (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ ، أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ ، فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ، وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
وأنتم ترون أنّ الله تعالى قد توعّد الفارين ومن يولّهم يومئذ دبره بغضبه عليهم ، كما وعد المؤمنين الموفّين بعهد الله تعالى بالرضا والنعيم المقيم. ولو كانت الآية تريد الرضا عن جميع المبايعين تحت الشجرة على العموم ، من غير قيد ولا شرط ، لبطلت هذه الآية لبطلان الوعيد حينئذ فيها ، ولم تكن لها في الوجود صورة ، لأنّ القوم قد ولّوا