ولهذه الأحاديث وغيرها تضمنت الآية البشارة لهم بالاستخلاف في الأرض ، والتمكن لهم في البلاد ، وانتفاء الخوف عنهم (ع) عند قيام الثاني عشر منهم ، فهم المؤمنون العاملون الصالحات في منطوقها ، لأنّهم معصومون من الضلال كما هو صريح الحديثين الشريفين المتقدّمين ، وهم المستحقون للاستخلاف على العباد ، بفضلهم وعلو قدرهم ، وسمو مقامهم على سائر الناس ، وهم الذين يمكنهم الله تعالى في البلاد ، ويظهر دينه بهم ظهورا لا يخفى على أحد من الناس ، وهم الذين يؤمنهم بعد طول خوفهم من الظالمين الطغاة الذين ارتكبوا منهم ما حرّم الله تعالى من قتل ، وسجن ، وتشريد ، وجدوا في إيذائهم شر إيذاء ، الأمر الذي اتصل أولى حلقاته بمعاوية بن أبي سفيان ، وختم بآخرهم مروان الحمار. ثم جاء من بعدهم بنوا العباس فارتكبوا من آل رسول الله (ص) ما تصرخ من هوله جنّة الأرض ، وملائكة السماء ، وتتقطع من أجله القلوب ، وتتفتت المرائر ، كما يجد ذلك كل من وقف على التاريخ الصحيح ، وصحيح الحديث لأئمة أهل السنة ، كابن الأثير ، والطبري ، وغيرهما من مؤرخيهم.
وفي القرآن يقول الله تعالى في سورة الأنبياء (ع) آية ١٠٥ : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) ، وهم الصالحون الذين يرثون الأرض لا سواهم.
وقال تعالى في سورة آل عمران آية ٨٣ : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) ، وذلك لا يكون إلا بعد ظهور الثاني عشر من أئمة البيت النبوي ، وهو المهدي المنتظر (عج).