الظاهر بالنصّ ، وحمل الضعيف من المتصادمين على ما لا ينافي القوي ، ولو لم يمكن الجمع بينهما ولا ترجيح أحدهما على الآخر بشيء من المرجحات الداخلية أو الخارجية ، توقفنا عن العمل بهما جميعا والتمسنا دليلا من الخارج ، فإن وجد حكمنا به ، وإلّا قلنا لا دليل معتبر فيه ، فهل يا ترى يكون المقام من هذا القبيل؟ كلا ثم كلا ليس المقام من باب التعارض كي يحتاج إلى الحمل ، والتأويل ، والجمع ، والترجيح ، والطرح ، أو التخيير ، وما كنت أحسب أنّ من له أدنى حظ في فهم الأدلّة ، وكيفية الاستدلال بها على ثبوت الأشياء ونفيها ، يخفى عليه البون الشاسع بين الموردين والموضوعين : مورد الصحيح المزعوم في قول الإمام ابن تيمية ، ومورد تلك الأحاديث الصحيحة المتواترة بين الفريقين المنوهة بحياة الإمام المنتظر (ع) وبقائه. فكأنّ الإمام ابن تيمية لا يفهم من مدلول الحديث أنّه لا يجوز بقاء من ولد في تلك الليلة خاصة التي في صبيحتها توفى رسول الله (ص) حيّا يزيد عمره على مائة سنة ، أو لا يدري أنّ نفي الأخصّ لا يدلّ على نفي الأعمّ عند العلماء ، وليس في حديثه ما يدلّ على أنّه لا يجوز بقاء من لم يولد في تلك الليلة حيّا زيادة عليها ، وهذا هو الذي فهمه الجمهور من أئمة أهل الفقه وحفّاظهم على ما حكاه عنهم النووي في منهاجه عند ذكره الحديث المذكور ، وهو الذي يفهمه كل إنسان من أهل اللسان ، وأين هذا ممّا زعمه الإمام ابن تيمية من التعميم؟ فإنّه لا يفهم منه ولا يفيده وإرادته منه سلب لمعناه المطابقي وتحميله معنى لا صلة بينه وبينه.