هؤلاء كلّهم كانوا معه (ص) ، لا خصوص الخلفاء الثلاثة (رض) ، وذلك فإنّ كل ما أوجب دخول الخلفاء : أبي بكر ، وعمر ، وعثمان (رض) ، في القرآن ، وثنائه ، فهو يقتضي بوجوب دخول من ذكرنا في الآية ، لأنّ هؤلاء كلّهم من أصحاب رسول الله (ص) ، وكانوا جميعا من الذين معه (ص) ، وكان لأكثرهم من الجهاد بين يدي رسول الله (ص) ، والنصرة للإسلام ، ما لم يكن شيء منها للخلفاء أبي بكر ، وعمر ، وعثمان (رض) ، فكيف يتسنّى لأحد تخصيص الآية بالخلفاء (رض) وحدهم؟ وبما ذا يا ترى اختصّ الخلفاء الثلاثة (رض) بما خرج عنه أولئك والجميع بمستوى واحد ، وفي ميزان واحد؟ وهل تجدون لذلك وجها إلّا التخصيص بلا مخصّص ، والترجيح بلا مرجح ، الباطلان عقلا؟!.
ثانيا : إن الآية كما ترونها قد وصفت من كان مع النبي (ص) بصفات أثبتتها له في منطوقها ، فهل ترون أنّ الآية تريد كل من كان مع النبي (ص) في الزمان؟ أو كان معه في المكان؟ أو كان بظاهر الإسلام؟ أو كان بظاهره وباطنه؟ أو كان من وصفه الله تعالى بها دليلا على تخصيص الموصوف بالمدح والثناء دون من سواه؟ أو بطائفة غير هؤلاء؟.
فإن قلتم : إنّها تريد كل من كان مع النبي (ص) في الزمان أو المكان أو بظاهر الإسلام ، فقد صرتم إلى أمر كبير ، وهو مدح الكافرين ، والمنافقين ، الذين معه (ص) في الزمان ، وكانوا يجتمعون بحضرته (ص) في المكان ، وكانوا يتظاهرون له (ص) بالإسلام ، ويبطنون النفاق كما نطق به القرآن ، وتلونا عليكم ذروة من آياته الكريمة فيما تقدم ، وهذا ما لا يقول به من كان على شيء من الدين أو العقل.