التساهل معكم غير مرّة ، ومع ذلك فإنّه لا يوجب له العصمة ، من تعمّد الخطأ في الاستقبال ، ولا تدلّ على أنّ كل ما يفعله صواب في سائر الأحوال ، ولا يرفع عنه جواز الخطأ ، وتعمّد إنكار النصّ من النبي (ص) على علي (ع).
فإن ادّعيتم عصمته من الذنوب ، ومنعتم لأجل ذلك عليه (رض) الخطأ مطلقا ، فقد خالفتم بذلك ما أجمعت عليه الأمّة من الشيعة وأهل السنّة من نفي العصمة عنه (رض) ، وقلتم بما لم يقل فيه (رض) أحد من العالمين أجمعين ، وكابرتم في ذلك واقعه العملي قبل الإسلام وبعده ، ودفعتم ما تواتر من الأخبار في ضد ذلك كلّه ، إذ لو كان معصوما لمنعته عصمته (رض) من عبادة الأصنام ، والسجود لها ، قبل مجيء الإسلام ، لأنّ العصمة قوّة في عقل الإنسان تمنعه من ارتكاب القبيح مطلقا.
وإن قلتم إنّ ذلك الفضل والسعة ، لو أضيفت إليه لا يوجب له العصمة من تعمد الخطأ ، بل يجوز ذلك عليه (رض). لو استحقّ جميع هاتيك الصفات بعد تسليمنا لكم جدلا ما أوردتموه من تفسيرها فيه (رض) ، فما الذي يا ترى يمنع من تعمد خطئه فيما تقدم من إنكاره النصّ على عليّ (ع) بالخلافة بعد النبي (ص)؟ وما الذي يا ترى يحول بينه وبين منعه (رض) لما فرض عليه الإقرار به ومن وجوب الطاعة له (ع)؟ وما الذي يمنع من تبدّل حاله (رض) في الاستقبال بعد أن كانت العصمة منتفية عنه (رض) ، والإنسان مجهول الخاتمة كما تعلمون وهذا واضح لا غبار عليه؟.