كلمة (أَلا) أداة حضّ وتحريض ، ويؤتى بها للدلالة على لزوم مدخولها وحرمة تركه ، لذا ترون أنّ الله تعالى جعل المغفرة لهم بشرط أن ينفقوا عمّا نهوا عنه ، ومن حيث أنّ الآية لم تتضمن عدولهم عنه مع وضوح دلالتها على عكسه ، فقد أصبحت خالية من المدح والثناء.
خامسا : إنّ الآية لا تدلّ على أنّ الخليفة أبا بكر (رض) كان من أولي الفضل ، والسعة في المال ، وذلك فإنّ قوله تعالى : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ) من النهي المختص بذكر أهل الفضل والسعة في المال ، ويتناول بمعناه العام كل قادر عليه ، وإنّما خصّهم بالذكر في الآية ، فلأنّهم من أظهر أفراد من تعلق بهم ذلك الحكم ، وتوجّه من أجله إليهم الخطاب ، لا لأجل اختصاص الحكم بهم ، فليس هو من الإخبار في الحقيقة ، ولا في المجاز ، وهذا نظير قوله تعالى في سورة المنافقين آية ٩ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ ، وَلا أَوْلادُكُمْ ، عَنْ ذِكْرِ اللهِ).
وقوله تعالى في سورة آل عمران آية ١٠٢ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ).
وقوله تعالى في سورة النساء آية ٥٩ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ، وغير ذلك ممّا كان مدخول الخطاب فيه خاصّا ، ومعناه عامّا ، فإنّ المقصود بالأمر والموجّه إليه الخطاب في تلك الآيات ، عموم المكلّفين أجمعين ، لا خصوص المؤمنين الذين توجّه إليهم الخطاب في منطوقها. والآية من هذا القبيل غير مختصّة بفرد دون آخر.
سادسا : لو سلمنا لكم جدلا ، وفرضنا أنّ للخليفة أبي بكر (رض) من الفضل والسعة في الدنيا ، أو نسب إليه البرّ ، وفرضنا نزول القرآن صريحا بالشهادة له (رض) به ، كل ذلك على سبيل