وبتعبير أوضح نقول لكم : إن كان أبو بكر (رض) هو الإمام في تلك الصلاة لزمكم أن تقولوا ببطلان صلاة النبي (ص) قاعدا ، وإن كان النبي (ص) هو الإمام في تلك الصلاة لزمكم أن تقولوا ببطلان صلاة أبي بكر (رض) قائما ، وأيّا قلتم فهو دليل على بطلان الحديث ، وأنّه لا أصل له.
وجملة القول : إنّ الذي يؤكّد لكم صحة كل ما ذكرنا ، ويكشف لكم عن صدق ما تلوناه هو إجماع الأمّة من الشيعة وأهل السنّة :
على أنّ رسول الله (ص) خرج مبادرا ، عجلا ، يتهادى بين علي (ع) والعباس (رض) ، لتلافي الأمر بصلاة أبي بكر (رض) ، وتأخيره عمّا تصدّى له من الصلاة فيهم ، كما أنّهم أجمعوا على أنّه (ص) قال لعائشة وحفصة أمهات المؤمنين (رض) : «إنّكن لأنتن صواحب يوسف» ، نهيا وتوبيخا على ما أوقعا فيه أمّته (ص) من الفتنة التي أشار إليها (ص) في خطبته المتقدمة في رواية الطبري بقوله (ص) :
«أيّها الناس سعرت النار ، وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم» إلى آخر خطبته الشريفة التي سجّلها غير الطبري من مؤرّخي أئمة أهل السنّة ، وحفّاظهم ، وإخبارا لهم عما أرادت كل واحدة منهم أن تعطي أباها المكانة السامية بالصلاة في الناس.
إذ لو كان (ص) هو الآمر لكان قوله (ص) ذلك في أمهات المؤمنين ، وخروجه وقتئذ وهو في تلك الحالة ، عبثا باطلا ، ولغوا صرفا ، تعالى قول النبي (ص) وفعله عن اللغو والعبث! ومن قال فيه ذلك فقد طعن فيه وفي دينه ، وخرج عن الدين كليّة. ويزيد ذلك عندكم وضوحا وتأكيدا ما أخرجه البخاري في صحيحه ص ١٢٥ في باب (ما جاء في بيوت أزواج النبي (ص)) من جزئه الثاني عن