وإذا كان اشتهار النعوت والصفات فيما ذكرنا على نمط واحد ، وطريقة واحدة ، بطل أن يكون الجميع على الحق والهدى ، لوجود التضاد والتنافي في ذلك كلّه ، فإذا بطل هذا لم يثبت لكم ما ادّعيتم من دلالة اشتهار النعوت بين العامة من الأمّة في المتقدمين على علي (ع) على صحّة خلافتهم (رض) بعد النبي (ص) على نحو القطع واليقين.
ثالثا : نقول لهؤلاء الخصوم ما هو الدليل العلمي الذي رجعتم إليه في وجوب الانقياد والطاعة لكل من شاع وصفه ، وذاع لقبه بين الناس ، بأنّه خليفة رسول الله (ص) ، وإمام المسلمين ، أو صدّيق ، أو فاروق ، أو سيف الله ، وأمثال ذلك من الألقاب المشعرة بالمدح والثناء ، وإنّه بذلك يكون واجب الطاعة على الناس أجمعين ، بل لو صحّت تلك الألقاب والنعوت لمن ذكرتم في عصر رسول الله (ص) وبتقريره لها لم ، وكانت أدلّة على استحقاقهم إمامة الأمّة وخلافة الرسالة لاحتجوا بها يوم السقيفة ، وهم أحوج ما يكونوا إليها في ذلك اليوم لقطع التنازع والاختلاف بينهم ، ومن حيث أنّ شيئا من ذلك لم يحصل منهم ولا من غيرهم في السقيفة علمنا أنّها وضعت لهم بعد عصرهم (رض) من أتباعهم ، وتعصّبا لهم.
ثم متى يا ترى كان اجتماع أكثر الناس على شخص بعينه ووصفهم له بالنعوت بالعظيمة ، والألقاب الضخمة ، دليلا شرعيا على استحقاقه لتلك النعوت والألقاب؟!! ومتى كان ذلك دليلا في الشريعة على إمامته عليهم ، وكتاب الله تعالى والسنّة النبويّة القطعية ينبذانه نبذا ، ويرفضانه رفضا ، ويحكمان بفساده وبطلانه كما مرّ البحث عنه مستوفى في أوائل الكتاب؟!.