القرآن بقوله تعالى في سورة ص آية ٥ : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ!) وقد كان ذلك منتشرا في الجاهلية قبل الإسلام ، حتى شاع ذلك عندهم ، وذاع.
ثم ألقوا ببصركم حيث عصر خليل الله إبراهيم (ع) على ما حكاه الله تعالى عن قومه بقوله تعالى في سورة الأنبياء (ع) آية ٦٨ : (قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) بل وجود ذلك معلوم في هذه الأواخر في بلاد الهند وغيرها حيث أنّهم يعبدون الأصنام ، ويعكفون على عبادة الأوثان ، وذلك شايع عندهم ، ومستفيض مع وجود خلاف ذلك في العصور الأولى وما بعدها إلى يومنا هذا من المؤمنين بالله تعالى وبشرائعه التي شرعها لعباده وكيف غاب عن بالكم أنّ الوصف بالربوبية قد شاع وذاع لكثير من الملوك في القرون الخالية ، والأزمان الماضية ، على ما اقتصّ القرآن من أخبارهم في غير واحد من الآيات مع ثبوت مخالفة أهل الحقّ لهم وكانوا يتّقون في ترك إظهار الخلاف عليهم ، وقد استفاض من الصفات لملوك الأمويين ما يقتضي المدح والثناء لهم ، كما شاع وانتشر مثل ذلك لمن نازعهم في السلطة والإمارة من الطالبيين حتى صاروا في ذلك على السواء في النعوت الموجبة للمدح والثناء ، ولم يوجب ذلك أن يكونوا مجمعين على الصواب ، ولا متفقين في استحقاق المدح والثناء.
ولا يخفى عليكم أنّ أبا جعفر المنصور العباسي كانوا ينعتونه ، كما كانوا ينعتون محمد بن عبد الله بن الحسن المهدي ، وينعتون القائم بعد المنصور بالمهدي ، وابنه الهادي ، وابن ابنه بالرشيد ، والمنصور والمعز ، والعزيز ، والقادر ، وهلم جرا على ما سجّله المقريزي في (خططه) ، وابن خلكان في (وفيات الأعيان) ، وابن عبد ربّه في (العقد الفريد) ، وغيرهم ممّن جاء على ذكر ملوك العباسيين والطالبيين من مؤرّخي أهل السنّة.