والحجّة في هذا الحديث لأنّه متّفق عليه بين الفريقين بخلاف ما ادّعيتموه من النعوت ، فإنّه غير متّفق عليه ، ولا صادر عن رسول الله (ص) قطعا فلا حجّة فيه أصلا. ولو سلمنا لكم جدلا صحّة ما نسب إليهم (رض) من النعوت ولكن شيئا من ذلك لا يوجب لهم العصمة ، ولا ينفي عنهم تعمّد الخطأ وخلاف الصواب ، لعدم عصمتهم بالإجماع.
ثانيا : لا قيمة لانتشار المدح والثناء لأيّ كان ما لم يكن مستندا إلى كتاب الله تعالى والسنّة النبوية (ص) القطعية ، وذلك لما هو المعلوم والمشاهد بالعيون أنّه قد يتّفق في المدح والثناء بها من لا يستحق ذلك ، محاباة أو عنادا لله تعالى وكفرا به ، وقد تبلغ الحماقة ، والجهالة ، وفقدان الكرامة ، ببعض الناس فيفدي أمراءه وملوكه بنفسه ، وآخر بنفسه وولده ، وثالث بنفسه وولده ودينه ، دون أن يشعروا إلى أنّهم نظراؤهم في الخلق ، وأنّ أولهم نطفة قذرة ، وآخرهم جيفة نتنة تملأ الفضاء سخونة وعفونة ، وبين جنبيهم يحملون البول والعذرة ، ولولاهما لأصبحوا من الهالكين.
وشيوع هذا بينهم شيء لا سبيل إلى إنكاره ، وليس هذا بغريب في تاريخ الناس منذ هبوط آدم (ع) إلى الأرض ، فهؤلاء أصحاب نبي الله تعالى موسى (ع) وهو نبي من أولي العزم ، فانظروا إليهم كيف أنّهم سمّوا العجل إلها وعكفوا على عبادته من دون الله تعالى بعد إيمانهم بالله تعالى كما جاء التنصيص عليه في القرآن.
ثم ألقوا نظرة على عصرنا هذا فإنّكم تجدون أكثر الناس يكيلون النعوت والألقاب لغير مستحقّيها من الملوك ، والأمراء ، والحكّام ، خوفا أو طمعا ، ثم ارجعوا قليلا إلى العصر الأول لتروا كيف أنّ مشركي قريش وصفوا الأصنام بالآلهة على ما قصّ الله تعالى خبرهم في