وأصحابه في دار الأرقم ص ٣٨١ من جزئه الأول ، والنسائي في خصائصه العلوية ص ٦ ، وكثير غيرهم من حفّاظ أهل السنّة ومفسّريهم ، كما مرّ عليكم تفصيله.
وبعد هذا كلّه فلا يصحّ لهذا القائل أن ينسب إلى النبي (ص) قوله : «ما نفعني مال كمال أبي بكر (رض)» وهو يرى كما ترون ، ويرى غيركم ، أنّ الدلائل الواضحة تشهد على بطلانه وافترائه عليه (ص).
عاشرا : إنّا لم نروجها فيما زعمه هذا القائل من إنفاق أبي بكر (رض) ، إلّا دعوى شرائه بلالا من مواليه لما قصدوا تعذيبه على إسلامه ليردوه عن الإيمان إلى الكفر. وهذا لا يصحّ في حال ، وذلك لأنّ أبا بكر (رض) نفسه كان من المعذبين على ما قدمنا لكم فلم يستطع هو أن يخلّص نفسه ، فكيف تكون له (رض) القدرة على تخليص غيره ، ولأنّ بلالا أعتقه رسول الله (ص) على ما حكاه الواقدي ، وابن إسحاق ، وغيرهما ، فيما قاله أبو جعفر الإسكافي ونقله ابن أبي الحديد في (شرح النهج) ص ٢٧٤ من جزئه الثالث.
ولو سلمنا لكم ذلك جدلا فإنّه لا يوجب أن يمدح النبي (ص) أبا بكر (رض) ويخبر بأنّه «ما نفعه مال كمال أبي بكر (رض)» لأنّ بلالا لم يمتّ إلى رسول الله (ص) بنسب ، ولم يتصل به بسبب ، ليكون خلاصه بمال أبي بكر (رض) نفعا لرسول الله (ص). ولو كان يسري ما اختصّ بلالا من النفع بمال أبي بكر (رض) إلى رسول الله (ص) من أجل إيمان بلال برسالته (ص) ، وإقراره بنبوته (ص) ، ولكي يكون من جملة أصحابه (ص) ، لسرى ذلك النفع إلى الله تعالى ، وإلى جميع ملائكته المقرّبين ، وأنبيائه المرسلين ، وعباده الصالحين ، وجميع الشهداء والصديقين ، لأنّ الإيمان بالنبي (ص) يعني الإيمان بالله