فبدلوا شرائعهم ، وصدفوا عن سبيل الحق ، ودعوا إلى الباطل ، ولم يكن الداعي لذلك كثرة أموال من أضلهم ، ولا شرف نسبهم ، ولا كرم حسبهم ، وإنّما الداعي إلى ذلك ما حققناه من المكر ، والخداع؟ والقرآن يؤكد هذا بقوله تعالى في سورة الفرقان آية ٣١ : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) أي وصفناهم بذلك بما اختاروه ، وحكمنا به عليهم لما استحبوه ، وقال تعالى في سورة الأنعام آية ١١٢ : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً).
ولو أردنا استقصاء ما كان من هذا القبيل لأحوجنا ذلك إلى أوقات وجلسات!.
وعلى الجملة إنّكم تجدون على الأغلب حصول الدنيا وإقبالها على الناقصين ، وفي الأكثر تتم الزعامة فيها للجاهلين ، والمعروف في ملكها والغلبة عليها للكافرين ، والضالين ، والخارج من هذا المعروف بالوجدان من المؤمنين ، من أهل العقل والفضل ، فرد نادر معدود في الشواذ ، كما نطق بذلك القرآن فيما اقتصه من أخبار الماضين ، ودل عليه العيان في سائر العصور والأزمان إلى يومنا هذا.
فمحاولة إنكاره جحد للضروري ، ومكابرة واضحة ، وحينئذ فلا مجال للقول بأنّ تقدّم الخلفاء (رض) على علي (ع) كان لأجل وجود فضل فيهم خفي علمه علينا ، وأحاط بعلمه من كان قبلنا ، فمن قدّمهم على غيرهم من سائر الناس ، لا سيما إذا راجعتم ما وقع في السقيفة من التنازع ، وعدم ذكر واحد منهم بأنّ من قدّموه كان له من الفضل ما لم يكن لغيره من أصحاب النبي (ص) ، أو كان يمتاز على غيره ممن حضر فيها من الصحابة.
فدونك تاريخ الطبري ، وابن الأثير ، والبخاري ، ومسلم ،