لما تقرّر في أصول فقه الفريقين أنّ اسم الجنس المنكر ، المضاف إلى المعرفة ، يفيد العموم ، وكلمة منزلة نكرة مضافة إلى هارون المعرفة ، فهي تفيد الشمول والعموم لجميع تلك المنازل التي تقدم ذكرها ، ويؤكّد هذا ويقرره الاستثناء فإنّه لا يكون إلّا من العموم.
فإنّ ادّعيتم ما ادّعاه غيركم أنّ عليا (ع) يشبه هارون في الاستخلاف ، وقد استخلف النبي (ص) غيره كابن أم مكتوم. فيقال لكم :
أولا : لو كان ما ادّعيتم صحيحا لكان المناسب أن يقول (ص) لو أراده أنّ عليا (ع) خليفتي مثل هارون (ع) خليفة موسى (ص) ، فإنّ هذا التعبير هو الصحيح لو أراد النبي (ص) من حديث ما ادّعيتم لكي لا يلزم نسبة الغلط إلى رسول الله (ص) في كلامه.
ثانيا : إنّ حديث المنزلة مشتمل على جملتين مستثنى ، ومستثنى منه ، ففيه عموم ، وخصوص ، فلو صحّ ما ادّعيتم لزمكم أن تقولوا ببطلان العموم والخصوص في الحديث ، والحكم بلغوية الحديث وبطلانه ، وذلك فإنّ كل عربي ، وغير عربي ، إذا درس لغة العرب يفهم من القول المشتمل على مستثنى ، ومستثنى منه ، أنّه يريد العموم ، وأن الحكم فيه على الاستيعاب دون المستثنى ، فالمستثنى يوجب خروجه من ذلك الحكم الوارد على المستثنى منه ، ولا أحسب أنّ ذلك يخفى على مثلكم ، وأنتم من أهل اللسان بلا كلام.
ثالثا : إنّنا لم نستند في إثبات الخلافة العامة لعلي (ع) بعد النبي (ص) إلى مجرّد جعل النبي (ص) عليّا (ع) خليفة على المدينة حتى يتسنى لكم أن تقولوا : إنّه يشبه هارون (ع) في الاستخلاف ، وقد استخلف غيره ، وإنّما كان استدلالنا بحديث المنزلة الذي قال (ص) فيه ذلك القول لعلي (ع) خاصة ، ولم يقله لغيره مطلقا فالدليل الذي