الفرع الجائز عليه الغلط ، وكيف يجوز إجماع الأمّة على ما يجوز فيه الخطأ وهو الاجتهاد؟!
اعترض (١) على الثاني : بالنقض باتّفاق الشافعية على قول الشافعي والحنفية على قول أبي حنيفة.
وليس بجيد ، لأنّهم ليسوا كلّ الأمّة ، فجاز الخطأ عليهم بخلاف الجميع.
وعلى الثالث : بأنّ الخلاف في صحّة القياس حادث ، ولأنّه يجوز أن تشتبه الأمارة بالدلالة فيثبت الحكم بالأمارة على اعتقاد أنّه أثبته بالدلالة ، ولانتقاضه بالعموم وخبر الواحد فإنّه يجوز صدور الإجماع عنهما مع وقوع الخلاف فيهما.
وليس بجيد ، لأنّ إنكار القياس قد وقع من أكابر الصحابة على ما يأتي ، واشتباه المعلوم بالمظنون لا يصدر عن مجتهد ، ومن ينكر العموم وخبر الواحد يمنع الإجماع بهما.
وعلى الرابع : أنّ تلك الأحكام المرتّبة على الاجتهاد مشروطة بأن لا تصير المسألة إجماعية ، فإذا صارت زال الشرط ، فزالت تلك الأحكام.
وليس بجيد ، لأنّ كلّ واحد منهم كما قال بالحكم قال بجواز مخالفته ، فكما صار الحكم مجمعا عليه باعتبار موافقة كلّ واحد منهم له ، كذا صار جواز المخالفة مجمعا عليه.
__________________
(١) المعترض هو الرازي في المحصول : ٢ / ٩٠.