وأمّا بعض المباحات فما يدل على نقص المروءة ودناءة الهمّة ، كالأكل في الأسواق والبول في الشوارع وصحبة الأراذل والإفراط في المزاح ، وما أشبه ذلك بما يدلّ على [سرعة] الإقدام على الكذب ، فلا يحصل ظن الصدق.
النظر الثاني : التزكية ولها مراتب أربع (١) :
الأولى : أعلاها الحكم بشهادته.
الثانية : أن يقول : هو عدل ، لأنّي عرفت منه كذا وكذا ، فإن لم يذكر السبب وكان عارفا بشرائط العدالة كفى.
الثالثة : أن يروي عنه ، والحق أنّه لا يكون تعديلا إلّا إذا عرف إمّا بصريح قوله أو بعادته أنّه لا يستجيز الرواية إلّا عن عدل ، فحينئذ تكون روايته عنه تعديلا له ، وإلّا فلا ، إذ من عادة أكثرهم الرواية عن كلّ أحد ولو كلّفوا الثناء عليه سكتوا.
ولا يكون ذلك غشا في الدين ؛ لأنّه لم يوجب على غيره العمل ، بل قال : سمعت فلانا قال كذا ، وصدق فيه ، ثمّ لعلّه لم يعرفه بالفسق والعدالة فروى عنه وأحال البحث عن حاله إلى من يريد العمل بالرواية.
الرابعة : العمل بروايته فإن أمكن حمله على الاحتياط أو على العمل بدليل آخر وافق الخبر فليس بتعديل إجماعا ، وإن عرف يقينا أنّه عمل بالخبر فهو تعديل ، إذ لو عمل بخبر غير العدل لفسق.
__________________
(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٢٠١ ـ ٢٠٢.