الثالث : إذا تعارض الجرح والتعديل فقد لا يتنافيان بأن يطلق المعدل التزكية ويذكر الجارح سببا في الجرح قد يخفى عن المعدل ، فهنا يقدّم قول الجارح لاطّلاعه على ما لم يطّلع عليه المعدّل ولا نفاه ، ولو نفاه لم يقبل لأنّها شهادة على النفي إلّا مع سبب يمكن معرفته ، كما لو أسند الجرح إلى أنّه قتل فلانا مثلا في يوم كذا فيقول المعدل : إنّني رأيته بعد ذلك حيّا ، وهنا يتعارضان ، ويجب الترجيح بكثرة العدد وشدة الورع والضبط إلى غير ذلك من المرجّحات.
ولا يقدّم تعدّد المعدل إذا زاد على عدد الجارح من غير تناف بينهما خلافا لقوم ، لأنّ سبب تقديم الجرح اطّلاع الجارح على ما لم يطّلع عليه المعدل ، فلا ينتفي ذكره بكثرة العدد.
الرابع : ترك الحكم بالشهادة ليس جرحا ولا قدحا في الرواية ، لأنّ الرواية والشهادة يشتركان في العقل والتكليف والإسلام والعدالة ، وتختص الشهادة بأمور غير معتبرة في الرواية ، كالحرية والذكورة والبصر والعدد وانتفاء العداوة. فإنّ للعبد أن يروي وإن ردّت شهادته مطلقا عند قوم ، وفي البعض عند آخرين ؛ والأنثى أن تروي وقد لا تقبل شهادتها.
والأعمى لا تقبل شهادته فيما يشترط فيه البصر ، ومطلقا عند قوم ، وتقبل روايته فإنّ الصحابة رووا عن زوجات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أنّهم في حقّهن كالضرير. وترك العمل بروايته ليس جرحا أيضا ، لجواز معارض.
والحد في شهادة الزنا ليس جرحا لعدم النصاب ، لأنّه لم يأت بالقذف صريحا وإنّما جاء ذلك مجيء الشهادة.