الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أو بعده؟ الأوّل مسلّم ، والثاني ممنوع.
والأصل فيه أنّه شرط في العمل بالقياس عدم الوجدان في الكتاب والسنّة ، وهو غير ممكن في زمانه صلىاللهعليهوآلهوسلم لعدم استقرار الشرع ، أمّا بعد نزول (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ)(١) فلا ، لأنّ الدين إنّما يكون كاملا لو بيّن جميع إحكامه ، وهو إنّما يكون بالتنصيص على كليّات الأحكام ؛ وإذا كان العمل بالقياس مشروطا بعدم الوجدان فيهما ، وهما قد اشتملا على الجميع ، لم يجز العمل بالقياس بعد زمان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أجيب (٢) عن الأوّل. بأنّ قوله تعالى : (ما فَرَّطْنا) يدلّ على اشتمال الكتاب على كلّ الأمور بواسطة وهو مسلّم ، فإنّ الكتاب لما دلّ على وجوب قبول قول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقول الرسول دلّ على أنّ القياس حجّة ، والقياس دلّ على هذه الأحكام ، كان الكتاب دالّا عليها. ولا يمكن دلالته ابتداء لخلوّه عن دقائق الهندسة والحساب ، وتفاريع الحيض والوصايا.
ولا محذور في العمل بالاجتهاد في زمانه عليهالسلام في واقعة لا يمكن تأخير الحكم فيها إلى أن يصل الخبر من اليمن إلى المدينة ، ثمّ منها إلى اليمن لتعذّر النص حينئذ.
والسنّة عبارة عن الطريقة كيف كانت. والبعث انّما يكون بعد المعرفة بشرائط القضاء ، والمراد لمّا عزم على البعث ، وجماعة منعوا من تخصيصها به.
__________________
(١) المائدة : ٣.
(٢) ذكر الرازي الأجوبة في المحصول : ٢ / ٢٥٧.