العلم لا بدّ وأن يرجح أحد الطرفين على الآخر ، لامتناع ترك النقيضين ، وصريح العقل يشهد بأنّه لا يجوز ترجيح المرجوح ، فتعيّن ترجيح الراجح ، وهو الجواب أيضا عن الإمام المعصوم.
وفيه نظر ، للإجماع على أنّ تسويغ العمل بالظن مشروط بعدم العلم فلا يتوجه المنع عليه ، ومدة استقصاء الطلب هي مدة النظر وهو غير مكلّف بالفعل حينئذ ، وينتقض بما إذا شهد أحد الشاهدين وانتظر الآخر ، فإنّ الظن حاصل ولا يجوز الحكم.
الرابع عشر : عقلت الأمّة من قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ)(١) انّ المنع من ضربهما ، ولم يعقل ذلك إلّا قياسا.
والاعتراض : نمنع أنّ قولهم بذلك للقياس ، بل عقلت الأمّة المنع من الضرب لفظا ، كما أنّ قول القائل : «ما لفلان عندي حبّة» يفيد في عرف اللغة نفي القليل والكثير. أو نقول : إنّه قياس معلوم ، لأنّ منع التأفيف معللا بالأذى ، وكون الأذى علّة معلوم غير مظنون ، وهذه العلّة موجودة في الضرب بالضرورة. (٢)
الخامس عشر : أجمعت الأمّة على قياس الزناة على ما عزّ في الرجم.
والاعتراض : نمنع استنادهم إلى القياس ، بل أجمعوا على أنّ حكم الزنا حكم ما عزّ من قصد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ضرورة ، أو لقوله : «حكمي على الواحد
__________________
(١) الإسراء : ٢٣.
(٢) ذكر هذا الدليل مع الاعتراضات عليه : أبو الحسين البصري في المعتمد : ٢ / ٢٢٦ ؛ والآمدي في الإحكام : ٤ / ٣١.