والأول قسمان : أحدهما أنه إذا كان مشتغلا أبدا باكتساب الفضائل النفسانية من العلوم والأخلاق لم يتفرغ للقيام لمصالحه الدنيوية ، فيحتاج إلى من يخدمه فى هذه المصالح ، فيحتاج إلى صرف طائفة من ماله إليه عوضا عن تلك الخدمة (٤.
الثانى أن يبذل طائفة من ماله لأجل المروءة (٥ وإكرام الأضياف ، كل ذلك حسن محمود ، وأما الّذي يكون للنفع الاخروى فهو كالزكاة (١) والصدقات.
وأما القسم الثانى وهو الّذي يدفع ماله إلى شخص غير معين كبناء المساجد والقناطير (٢) والرباطات ودور المرضى ، وحفر الآبار والمصانع ونصب جار الماء فى الطرقات ، فهو أيضا حسن (٦ ، وهو بيان الانتفاع بالمال.
وأما بيان ما فيه من الآفات فمن وجوه (٧ :
الأول أن الشهوات الجسمانية غالبة على الطباع ، فإذا حصلت القدرة على تحصيل تلك اللذات وعند حصول القدرة مع الداعى وزوال العائق يقع الفعل.
الثانى أن عند حصول المال يتنعم الإنسان بالمباحات ظاهرا ، لأن الداعى قائم والمانع زائل فيقع الفعل ، ثم إذا ألف ذلك التنعم ربما (٣) قل ما له ولم يمكنه أن يصبر عن ذلك التنعم فيقع بسببه فى الكسب الحرام ، وينفتح عليه بهذا السبب جميع أبواب الأخلاق الذميمة.
__________________
(١) المخطوطة : كالزكوات ،
(٢) أيضا : القناطر
(٣) أيضا : وبما ،