الحرف وهو سريع الزوال ، والذاتى أقوى من العرضى ولا سيما من العرض السريع الزوال ، ثم بتقدير أن ينقلب الإنسان من لذة الجاه إلى ذلة الرد وعدم الجاه كانت تلك المشتقة فى النهاية (الورقة ٢٨٧ و) القصوى من الأسف واللذة الحاصلة من وجدان ذلك الجاه لا تقر (١) بهذه المذلة ، وثبت أن الأولى ترك طلب الجاه.
السادس ان لذة الجاه هو اقبال النفس على عالم المحسوسات ، واشتغال باللذات المقتبسة منها ، وهى مانعة للنفس عن الإقبال على عالم الروحانيات ، والاشتغال بتلك اللذات العالية ، وقد عرفت إنه لا مناسبة بين اللذات الفائضة من عالم الروحانيات إلى هذه اللذات الجسمانية.
السابع أن لذة الجائع ليست لذة ظاهرة قاهرة تزيل عن القلب طلب اللذات الشهوانية ، لكن طلب لذة الجاه لا سبيل له إلى وجدانها إلا بترك اللذات الشهوانية مع كونه متذاكرا لها راغب النفس فيها ـ فهذا الشخص وإن سعد بوجدان لذة الجاه لكنه شقى بفقدان لذة الشهوة ـ ففقد الخير والمقابلة كأنه لا لذة أصلا ، أما الالتذاذ بالإقبال على عالم الروحانيات فهو التذاذ قاهر قوى لا يبقى معه شعور بشيء من الجسمانيات فضلا عن الميل إليها والرغبة فيها ، فاللذات العقلية خالصة عن مخالطة شيء من آلام ، ولذة الجاه مخلوطة بألم فقدان الشهوات ، فكان الأول أفضل.
الثامن أن صاحب الجاه ، فإن كان يتخيل انه ملك قلوب الخلق إلا انه مخطئ ، بل هو فى الحقيقة مهان مملوك لكل الخلق ، لأنه إذا
__________________
(١) المخطوطة : لا تقى