إلا إظهار ما يعتقد الناس كونه فضيلة ، والأمور التى يعتقد الناس فيها أنها فضائل مختلفة بالبلدان والازمان والأمزجة والاصناف والعادات وليس لها ضابط معلوم ولا قانون معين ، ولما كان كذلك كانت الطرق الموجبة لزوال الجاه أيضا غير مضبوطة ، فصاحب الجاه مشغول الفكر يضبط ما لا ضبط له فى الإيجاد وفى الاعدام ، وذلك يستدعى توقيف الفكر وحبس النفس وشغل الهم وذلك يصده عن جميع خيرات الدنيا والآخرة ، فيبقى عمره فى استخراج الحيل التى يكون هو عالما بكونها من الأباطيل والأضاليل وينقضى عمره فى الخوف أن يحضر أحد يهتك ستره فيها ويكشف عن فضيحته ، ومعلوم أن ذلك بلاء لا بلاء فوقه (الورقة ٢٨٧ ظ) ولا عناء أزيد منه.
العاشر أن كل من كان أكثر التذاذا بالجاه فإذا بقى محروما عنه كان تألمه بفقدانه أشد وأشق ، ولما تقابل هذا الوجدان بضرب من الحرمان فقد تعارضا وتساقطا ، فوجب البقاء على الحالة الأصلية ، فهذا هو الإشارة إلى العلاجات العملية.