ولا يترك العمل البتة ، وذلك لأن الشيطان يدعوه أولا إلى ترك العمل ، فإذا لم يجب وشرع فى العمل دعاه إلى الرياء ، فلما لم يجب ودفعه ، قال له هذا العمل ليس بخالص ، وانت مرائى وسعيك ضائع ، فانى؟؟؟ فائدة لك فى عمل لا اخلاص فيه ، حتى يحمله بهذا الطريق على ترك العمل ، فإذا تركه فقد حصل غرض الشيطان (٥ ، ومن مكايده (٦ أيضا أن يحسن له ترك العمل خوفا من أن يقول الناس أنه مرائى ، فيعصوا الله به وهذا أيضا باطل لوجوه :
الأول أن ذلك اساءة الظن بالمسلمين وما كان من حقه ان يظن بهم هذا ،
الثانى ان كان كذلك لكنه لا يضره ويفوته ثواب العمل بترك الطاعة خوفا من قولهم هو مرائى ، هذا هو عين الرياء ، فلو لا حبه لمدحهم وخوفه (١) من ذمهم ، فماله ولقولهم انت مرائى؟
الثالث لو ترك العمل (٧ ليقصد أنه مخلص لا يشتهى الشهرة ، فالشيطان يلقى فى قلبه انك (٢) رجل من اقوياء الزهاد ، حيث تركت الشهرة واثرت الانزواء ، وهذا أيضا من المهلكات.
وبالجملة ما خلا القلب من نزعات الشيطان بالكلية فيتعذر (٣) ، فلو وقفنا جواز الاشتغال بالعبادات على ذلك الخلو التام ليعذر الاشتغال بشيء من العبادات ، وذلك يوجب البطالة وهى أقصى
__________________
(١) المخطوطة : وحبه (موضع «وخوفه»)
(٢) أيضا : انكر
(٣) أيضا : متعذر