الكم فلأن حصول المقدمات البديهية والحسية والتجربية أكثر ، وأما الكيف فلأن تركيب تلك المقدمات على وجه ينساق أمر النتائج الحقة أسهل وأسرع.
إذا عرفت هذا ، فنقول : مثل هذه النفس القدسية والقوة العقلية الإلهية تستغنى فى معرفة (الورقة ٢٦٨ ظ) حقائق الأشياء عن التعلم والاستعانة بالغير ، إلا أن مثل هذا فى غاية الندرة والقلة.
أما القسم الثانى : وهو الّذي لا يكون كذلك فهو يحتاج فى اكتساب العلوم الفكرية فى أن يبقى مصونا (٦ عن الحلل والزلل.
إذا عرفت هذا فنقول : قوله تعالى : «إِنَّ فِي ذلِكَ (١) لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ» (٥ اشارة إلى القسم الأول.
وإنما ذكر القلب بلفظ التنكر ليدل بهذا التنكر على كون ذلك القلب فى غاية الشرف ونهاية الجلالة ـ وإن مثل هذا القلب يكون عزيز الوجود ونادر الحصول.
وأما قوله تعالى : (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) فهو إشارة إلى القسم الثانى ، والّذي يفتقرون (فيه) إلى الكسب والاستعانة بالغير ، وهذه القاعدة من الأسرار التى عليها بناء علم المنطق ، وقد لاح تقريرها فى هذه الآية ـ فتأكد هذا الفرقان البرهانى بالبيان القرآنى ، فلا جرم بلغ الغاية من الوضوح والظهور ، ولما كان القسم الأول نادرا جدا ، وكان الغالب هو القسم الثانى ، لا جرم أمر الكل فى أكثر الآيات بالطلب
__________________
(١) المخطوطة : هذا ،