المذكور من الحكومة أو الورود.
بقي شيء وهو أنّه ربّما يقول قائل : إنّ لازم البيان الذي ذكره المحقق المذكور أن تكون جميع التخصيصات والتقييدات من باب الورود أو الحكومة ، فأين التخصيص الذي حكم سابقا بأنّه من باب حكم العقل.
والجواب : إنّ للعامّ لحاظين : لحاظ نفس مدلوله ، ولحاظ كون ظاهره معتبرا من باب الأصل أو الظهور النوعي ، وكذا للخاص لحاظين : لحاظ نفسه ولحاظ دليل اعتباره ، فبلحاظ نفس المدلولين الخاص مخصّص ، وبلحاظ اعتبار ظهور العام عند الشك في التخصيص المعبّر عنه بالأصل اللفظي ، واعتبار ذلك الخاص بدليله يكون من باب الورود أو الحكومة ، فقوله لا تكرم زيدا بالنسبة إلى نفس قوله أكرم العلماء تخصيص ، وبالنسبة إلى أنّ مقتضى الأصل حمل العلماء على العموم ، وإرادة جميع الأفراد حتى زيد حكومة أو ورود ، لأنّه كالدليل الاجتهادي في مقابل الأصل العملي ، فأصالة العموم شيء ونفس مدلول قوله أكرم العلماء شيء آخر ؛ هذا.
ولكن يبقى أنّه على هذا لا حاجة إلى أن يقال : إنّ تقديم الخاص على العام من باب حكم العقل حسبما ذكر في بيان الفرق بين الحكومة والتخصيص ، فتأمل!
مع أنّه يمكن أن يقال : لا يعقل هنا شيئين ، بل هو شيء واحد ، وهو ظهور العام في الجميع ، وأيضا يمكن تصوير هذا المعنى بالنسبة إلى الأصول العمليّة أيضا ، بأن يقال : تقديم الدليل الاجتهادي على مدلول قوله إذا شككت فابن على كذا تخصيص ، وبالنسبة (١) إلى كون الحكم كذا (٢) عند الشك حكومة ، مع أنّهم لا يسمّونه تخصيصا إلا مسامحة.
إلا أن يقال : فرق بين المقامين ؛ فإنّ مدلول الأصل العملي ليس الحكم عند الشك ، بخلاف العموم ، فإنّ مدلول العام هو الأفراد ، والحكم بكون الجميع مرادا عند الشك هو المراد بالأصل.
__________________
(١) في النسخة (ب) : بالنسبة.
(٢) كلمة «كذا» لا توجد في نسخة (ب).