أصل دليل اعتباره بخلاف التعليق في الطرف الآخر ، فإنّه ليس كذلك غاية الأمر أنّه مع وجود المعارض المساوي أو الأقوى لا يعمل به ، لأجل المعارضة ، لا لقصور الاعتبار ، ومن المعلوم أنّ الأوّل لا يعد معارضا ، فالمقام نظير تعارض ظهور الإطلاق مع ظهور العموم ، فإنّه لا إشكال أنّه لا يقاومه ، إذ يرتفع موضوعه بالعموم ، لأنّ ظهوره معلّق على عدم البيان والعام بيان ، وكون العموم أيضا معتبرا ، إذا لم يكن معارض ، لا يثمر في تحقق المعارضة بينهما.
ففي المقام إذا كان الظهور اللفظي في أصل اعتباره معلّقا على عدم ورود المخصّص المعتبر ، فبمجرّد وجوده يرتفع موضوع الاعتبار ، وإن شئت فقل : إنّه معلق على عدم وجود مثل هذا الخبر الظني ، فلا معنى بعد ذلك لأخذ المعارضة بينهما ، وهذا أيضا واضح.
وأمّا [ما] ذكره من منع اعتبار بناء العقلاء في المقام ـ على فرض تسليم كونه معلقا لوجود النواهي الرادعة ـ ففيه : إنّه لا تكفي في الردع ، ولذا نرى عمل الكل بالظواهر المذكورة مع اطلاعهم على تلك النواهي وإجماعهم على العمل بها ، ليس إلا لأجل بنائهم من حيث هم عقلاء ، فلا يكون من الإجماع المصطلح ، فلا وجه للتعليق به (١) مع أنّه على فرضه لا يتم المطلب بالبيان الذي ذكره ، إذ كما أنّه لا إجماع على العمل بالظهور في المقام فكذا لا إجماع على العمل بعموم دليل اعتبار سند المخصص ، ولا فرق بين ذلك العموم والعموم الذي في قبال المخصص.
والحاصل : أنّ ما ذكره في دفع المعارضة بأنّ دليل الأصل هو الإجماع وهو لبّي ودليل اعتبار المخصص لفظي لا قصور فيه ، فيعمل به ويمنع شمول الإجماع للمقام ، فيبقى دليل السّند بلا معارض ، لا يتم إلا إذا كان هناك إجماع على اعتبار العموم في دليل الاعتبار في خصوص المقام ، إذ هو أيضا من الظواهر اللفظيّة ، وهو ممنوع ، فلا يمكن إتمام المطلب بالتمسّك بالإجماع ، مع أنّه على فرضه يمكن دعوى تحقق الإجماع على العمل بالظواهر كليّة ، بحيث يكون معقده عامّا نظير الأدلة اللفظيّة ، ومعه أيضا تبقى المعارضة بحالها ، فلا مخلص إلا ما ذكرنا ، أو ما ذكره المحقق
__________________
(١) في نسخة (ب) : للتعلق به.