__________________
للحكم بوجوب الجمع مهما أمكن.
مدفوع بما لا يخفى ؛ أمّا دعواه أنّ الجمع على خلاف الأصل ففيها : أنّ قاعدة الجمع إذا كانت مستفادة من عموم أدلّة الاعتبار فلا شكّ أنّ مقتضى العموم العمل بكل خبر يمكن العمل به فلا وجه للتوقف والتحير ونحو ذلك إلا بعد عدم إمكان العمل بالعموم وهو واضح ، وأمّا دعواه أنّها معارضة مع الأخبار العلاجيّة بالعموم من وجه فهي موقوفة على شمول القاعدة لغير الخبرين ، ويمكن منعه مع أنّه على فرضه ليست القاعدة عموما تعبديّا من الشارع بل هي مستفادة من خصوصيّات الموارد ففي الخبرين مستفادة من دليل اعتبار الخبر ، وفي الآيتين من عموم دليل حجيّة ظاهر الكتاب .. ونحو ذلك ، فهي خاصّة في هذه الجهة وفي جهة التعليق على الإمكان أيضا ، ولو جعل الإمكان شرطا عقليّا ، إذ هذا الشرط لا يعتبر في الأخبار العلاجيّة ، فلا وجه لدعوى العموم من وجه ولا للخصوصيّة من هذه الجهة بل قد عرفت أنّه ينبغي أن يقال إنّ الأخبار العلاجيّة أخص من دليل اعتبار الخبر حيث إنّه عام لوجوب الأخذ بكل خبر حتى المتعارضين مع فرض الإمكان ، والأخبار العلاجيّة تدل على أنّه إذا صدقت المعارضة فلا بدّ من الرجوع إلى المرجّحات وهذا واضح ، والفاضل المذكور كأنّه تخيل أنّ هذه القاعدة أعني هذه العبارة صادرة عن الإمام عليهالسلام ، ولو من جهة الكشف عنها بالإجماع.
وأنت خبير بما فيه ، وكيف كان ؛ فمع ملاحظة الأخبار العلاجيّة لا ينبغي التأمل في عدم تقدم الجمع إذا لم يساعد عليه العرف ، بحيث لم يعد الخبرين معه خارجين عن التعارض ، كما هو المفروض ، وأمّا مع الإغماض عنها ، فهل القاعدة مقدّمة أو الحكم بالتوقف أو التساقط أو التخيير على المذاهب؟ التحقيق أن يقال : إنّه لا وجه للجمع مطلقا ، سواء أخذ بالتأويل البعيد أو حكم بالإجمال ، وذلك لأنّ مقتضى عموم ذلك الاعتبار وإن كان هو الأخذ بالسندين والمفروض أنّ لحاظ الدلالة خارج عن ذلك العموم ، ومقتضاه الأخذ بهما ثمّ الحكم على حسب ما يقتضيه كما في القطعيين من حيث الصدور ، إلا أنّا نقول : شمول العموم من حيث السند لا يثمر في مقصود الجامع من الأخذ بالتأويل البعيد ؛ لأنّ المفروض أنّ العرف لا يجعل هذا التأويل معنى اللفظ ، فغاية الأمر الحكم بأنّ هذا قول الإمام عليهالسلام ، ولكن لا يجوز العمل على طبق التأويل ، ولا يجوز الحكم بالإجمال من جهة أنّ شيئا منها لا يمكن أن يصير سببا لإجمال الآخر ؛ لأنّه فرع مساعدة العرف على جعله قرينة على إرادة خلاف الظاهر ، وإن لم يعين ذلك المعنى والمفروض عدم مساعدته ، وحينئذ فنقول : إذا فرضنا أنّ العقل يحكم في الخبرين الذين لا يمكن الأخذ بهما بظاهرهما ولا بتأويلهما مثلا بالتساقط فهو حاكم في المقام ، ولا مانع منه ، فالحكم بشمول العموم على هذا الوجه لم ينفع في رفع اليد عن حكم العقل بالتساقط ، بل القاعدة العقليّة الحاكمة بالتساقط وعدم الاعتبار جارية لتحقق موضوعها ، وكذا إذا كان حكم العقل بالتخيير أو التوقف أو نحو ذلك.
والحاصل : أنّ مقتضى القاعدة العقليّة في الخبرين الذين لم يمكن العمل بهما إمّا لكونهما نصين متخالفين أو ظاهرين كذلك ، ولم يمكن حملهما على خلاف ظاهرهما ؛ لعدم عدّه معنى لهما ـ