إحراز الظهور ، كما هو المفروض بالنسبة إلى كل من الخبرين ، ولازم الجمع بين السندين طرح الظهورين المفروض وجوب الأخذ بهما ، في حدّ نفسهما ولا دليل على الترجيح.
وبعبارة أخرى : الأمر دائر بين العمل بأحد العمومين ، ولا مرجح في البين ، فلا يمكن الجمع.
فإن قلت : (١) وجوب الأخذ بالظاهر فرع شمول العموم للسند ، لأنّ الأخذ به متأخر عنه إذا لم يثبت صدور الكلام عن الإمام عليهالسلام لا يثبت وجوب الأخذ بظاهره ، فالسند مقدّم طبعا ، فيشمله الدليل ، وبعده لا يبقى محل للأخذ بالظاهر.
قلت : التقدم الطبعي في الوجود الخارجي لا ينفع ؛ بعد كون العمومين في عرض واحد ، إذ كما أنّ الأخذ بقول المخبر واجب كذلك الأخذ بظاهر قول الإمام عليهالسلام واجب ، غاية الأمر أنّه لا يصير قول الإمام عليهالسلام إلا بعد الأخذ بالسند ، وإلا فهذا التكليف ثابت في حدّ نفسه ، والأخذ بالسندين مستلزم لطرحه.
فإن قلت : إذا كان التمانع في الدلالتين فيتعين طرح العموم فيهما ، لا في السندين لعدم المانع لهما من حيث هما ، ألا ترى أنّه إذا كان هناك تكليفان مترتبان ولم يمكن العمل بهما ، يتعين طرح الثاني منهما ، كما إذا وجب إكرام العلماء ، ووجب كون الإكرام على وجه مخصوص ، فمع عدم إمكان الامتثال في الخصوصيّة يطرح التكليف الثاني ، ويؤخذ بأصل وجوب الإكرام إذا كان من قبيل التكليف في التكليف.
قلت : غرضنا أنّ التمانع في الدلالتين يسري إلى السندين ، ويدور الأمر بين أحد التخصيصين بعد وجود الاقتضاء لكل من العامين من حيث هما ، ومجرّد كون موضوع أحدهما متفرعا على الآخر لا يثمر شيئا ، ألا ترى أنّه لو قال كل مشكوك المائية ماء ، وقال أيضا كل ماء طاهر ، وكان هناك مائع مشكوك المائيّة والطهارة بحيث علم أنّه إمّا ليس بماء أو ليس بطاهر على فرض المائيّة ، فلا بدّ من رفع اليد عن أحد العمومين ، ولا ترجيح في البين.
__________________
(١) في نسخة (ب) : بدل «فإن قلت» كتب «ودعوى أنّ».