حاله ، والعمل به في بعض مدلوله لا يقال إنّه عمل به ، فلا يشمله الدليل ؛ مع أن التعارض الموجب للحيرة موجود ؛ فتشمله الأخبار العلاجيّة ، بل هي كالنص بالنسبة إلى تعارض النصين ، وإن أمكن التبعيض في مقام العمل.
وكذا القاعدة العقليّة بناء على الإغماض عن الأخبار ، بل لو قلنا بالجمع وخصصنا الأخبار بما لا يمكن فيه الجمع العملي أيضا ، لزم كونها لغوا ، إذ مورد عدم إمكان الجمع العملي أو الدلالي في غاية الندرة.
هذا مضافا إلى انعقاد الإجماع على عدم اعتباره ، ولذا لم يحتمله أحد من العلماء ، ولم يشيروا إليه في مورد من الموارد ، ولا فرق فيما ذكرنا بين كون الأخبار معتبرة من باب الطريقيّة أو السببيّة ، ودعوى أنّه على الثاني يكون حالها حال المتزاحمين من الواجبين ، ويجب العمل بهما بقدر الإمكان كما ترى! إذ ليس المراد من السببيّة كون العمل بالخبر واجبا من الواجبات النفسيّة ، نظير إنقاذ الغريق وإطفاء الحريق ، مع أنّه لا يتفاوت الحال في شمول الأخبار العلاجيّة ، فإنّها على التقديرين مقتضية لوجوب الرجوع إليها ، وكذا الإجماع محقق على المطلب من غير فرق ، فلا وجه لما التزمه بعض الأعلام من أنّ المتّجه ـ بناء على السببيّة ـ الالتزام بالجمع العملي في الظاهرين المتباينين.
وقد يذكر في وجه عدم صحة الجمع العملي في أدلّة الأحكام أنّه غير معقول ، إذ قول العادل قال : الإمام كذا لا يمكن تبعيضه في التصديق وعدمه.
وفيه : أنّه إذا قال قال الإمام عليهالسلام أكرم العلماء ، فهو ناقل عن الإمام عليهالسلام وجوب إكرام بعض العلماء أيضا في ضمن الكل ، فيمكن أن يصدق في البعض ولا يصدق في البعض الآخر ، فهو نظير ما لو قال الشاهد هذه الدار لزيد ، فإنّه أخبر في ضمن هذا القول أنّ نصفها أيضا لزيد ، ويمكن أن يصدق فيه كما اعترف به المستدلّ ، مع أنّه يكفي كون قول الإمام عليهالسلام قابلا للتبعيض ، وإن لم يكن قول الراوي قال الإمام كذا قابلا له ، فتبعيض التصديق إنّما هو باعتبار تبعيض مقول قول الإمام عليهالسلام ، مع أنّه يمكن أن يدعى أنّه يصدق في قوله كليا ، ويؤخذ ببعض المضمون في مقام العمل إذا كان قابلا للتبعيض.