أحدها : أن يقال إنّ تصديق العادل بما هو تصديقه موضوع من الموضوعات وفيه المصلحة ، وهو الواجب من غير نظر إلى مؤداه.
الثاني : أن يقال إنّ مؤداه موضوع من الموضوعات المشتملة على المصلحة كائنا ما كان ، والفرق بينهما واضح ، إذ المجعول على الأول نفس التصديق ، وعلى الثاني مؤدّيات الأخبار ، ويظهر الثمر فيما لو أخبر عشرة بحكم واحد ، فعلى الأول إذا أتى به يكون ممتثلا لعشر واجبات ، وعلى الثاني لواجب واحد ، وعلى التقديرين : إمّا أن يكون الواقع أيضا بحاله أو لا؟
الثالث : أن يقال بثبوت الواقع في الواقع ، وأنّ مؤدى الخبر ـ على فرض المخالفة ـ بدل عنه ، ومشتمل على مصلحة ، فيكون كأنّه في اللبّ مخير بين إدراك مصلحة الواقع أو مصلحة هذا البدل ، فالواقع في هذه الصورة منظور بخلاف الصورتين السابقتين.
الرابع : أن يقال بكون مؤدّى الخبر حكما تعبديا في مرحلة الظاهر ، من غير نظر إلى كشفه عن الواقع ، مع ثبوته في الواقع ، نظير الأصول التعبديّة ، وهذا هو الذي يمكن تعقّله بناء على ما هو الحق من التخطئة ، إذ الوجوه المتقدمة كلّها راجعة إلى التصويب الباطل ؛ مع أنّ الأولين على أحد الوجهين مستلزمان للتناقض ، فالقول بالموضوعيّة في المقام ، نظير ما يقال إنّ البينة معتبرة من باب التعبديّة ، لا الظن ؛ فإنّه ليس المراد أنّ مؤداها حكم واقعي وفيه مصلحة من حيث إنّها موضوع من الموضوعات ، فما يظهر من بعضهم من جعل الموضوعيّة على غير الوجه الأخير وترتيب الآثار عليها ، على أحد الوجوه الثلاثة الأول ، لا وجه له ؛ بعد كون بطلان التصويب ضروريا من مذهب الشيعة ، فلا معنى للترديد بين الطريقيّة والموضوعيّة على هذه الوجوه.
فحاصل الكلام أنّ الأخبار هل هي معتبرة من حيث كشفها عن الواقع أو تعبد لا بلحاظ الكاشفيّة؟ والحق هو الأول لوجهين :
أحدهما : أنّ ظواهر أدلّة حجيتها ذلك ، فإنّ آية النبأ بملاحظة تعليلها بعدم الإصابة بالجهالة والوقوع في الندم ظاهرة كمال الظهور في كون خبر العادل معتبرا من حيث