التناقض في جميع الأصول حتى إذا لم تكن مقرونة بالعلم الإجمالي ؛ لأنّ إطلاق الترخيص ينافي إطلاق الحرمة الواقعيّة حتى مع الجهل ، فالوجه في التساقط في هذا القسم وجود المانع من جريانهما ، وهو استلزامه لطرح التكليف المنجّز ؛ لأنّ المفروض أنّ العلم الإجمالي كالعلم التفصيلي في تنجز التكليف ، فاللازم العمل بالاحتياط وطرح الأصلين ، وإن كان ميزان الجريان في كلّ منهما تماما ، ولذا نقول بجريانهما فيما إذا لم يكن المعلوم بالإجمال واجب الامتثال فعلا.
ومن ذلك يظهر أنّ ما ذكره المحقق الأنصاري في آخر باب الاستصحاب (١) من أنّ الوجه حصول الغاية والعلم بالانتقاض في أحد الطرفين ، إذ هو موجب لخروجهما عن مدلول لا تنقض لا وجه له ، إذ الواجب هو النقض باليقين بالخلاف ، وهو غير حاصل في شيء من الطرفين ، وإلا لزم عدم الفرق بين كون العلم منجزا للتكليف وعدمه ، مع أنّه قائل بالفرق بينهما ، وتمام الكلام في غير المقام ، ثمّ إنّ ذلك إذا لم يكن أحد الأصلين حاكما على الآخر ، وإلا فالحاكم هو الحجّة ، وللكلام (٢) في كيفيّة حكومة بعض الأصول على بعض مقام آخر ، والغرض الإشارة إجمالا إلى أنّ مقتضى القاعدة في الأصلين أيضا التساقط والرجوع إلى أصل آخر كائنا ما كان بمقتضى ما ينافي الدليلين.
__________________
(١) فرائد الأصول : ٣ / ٤٠٩ ـ ٤١٢.
(٢) في النسخة : والكلام.