ودعوى أنّ الاحتمال كاف مدفوعة بالفرق بين القصد الاحتمالي وبين القصد القطعي ، من حيث إنّ الشارع حكم بوجوبه بالتخيير بين الخبرين.
وما ذكره من الدور مدفوع بأنّ الأمر ليس موقوفا على فعليّة القربة ؛ بل على إمكان قصدها ، وفعليّة القصد موقوفة على الأمر ؛ فلا دور ، وهذا من الواضحات ، إذ الغرض في جميع الأوامر التعبد والامتثال ، مع أنّه موقوف على الأمر ، والأمر لا يكون إلا مع ترتب فائدة ومصلحة ، فإمكان التعبّد على فرض الأمر كاف في الأمر ، ثمّ ما قرّره من المحاكمة المنقولة عن العميدي قد عرفت بطلانها ؛ إذ القائل بالتخيير لا يقول بالإباحة حتى يقال إنّها عقليّة أو شرعيّة.
ثمّ إنّ كلامه ـ على فرض تماميّته ـ يختص بالخبرين الدال (١) أحدهما على الإباحة والآخر على الوجوب أو الحرمة ، فلا وجه لدعوى (٢) الكليّة ، ثمّ على فرض التخيير البدوي أيضا يمكن أن يقال : لا ثمرة في جعل كلا الخبرين ، إذ ينبغي حينئذ جعل ذلك المختار فقط.
وبالجملة فعلى فرض الإغماض عمّا ذكرنا من لزوم التناقض لا مانع من جعلهما ، من غير فرق بين المقامات ، والفائدة (٣) في الجعل إراءة الواقع ، والعمل على طبقه إباحة أو وجوبا أو غيرهما ، فدعوى أنّ كون الفائدة (٤) في الجعل لا يكفي ؛ بل لا بدّ أن يكون في المجعول ، ولا فائدة فيه (٥) ؛ مدفوعة بأنّ وجود المعارض وعدمه لا يتفاوت في هذا ، وكل فائدة (٦) تفرض في الخبر الدال على الوجوب أو الحرمة أو غيرهما مع عدم المعارض ـ إذا كان مخالفا للواقع ـ فهي متحققة (٧) في صورة المعارضة أيضا ؛ فتدبّر!.
__________________
(١) في نسخة (د) : بدل كلمة «الدال» كتب «إلا أنّ».
(٢) في نسخة (ب) : لدعواه.
(٣) في نسخة (د) : إذ الفائدة.
(٤) لا توجد كلمة «الفائدة» في نسخة (ب).
(٥) لا توجد كلمة «فيه» في نسخة «د».
(٦) في نسخة (د) : فكل فائدة.
(٧) في نسخة (ب) : فهي متحققة إذا كان مخالفا للواقع.