بوجوب شيء أمكن أن يقال إنّ الفائدة عدم الرجوع إلى الأصل ، وهو عدم كلّ منهما ، لكنّ هذا أيضا ليس من حيث كون الخبرين في تعيين المكلّف به ، بل لو كان كل واحد ثبت (١) شيئا بحيث لا يكونان متفقين على أنّ هنا تكليفا ، وكان كلّ منهما في مقام تعيينه ، وأنّه الظهر أو الجمعة ـ مثلا ـ فالحكم كذلك ، فلا خصوصيّة لكونهما في تعيين المكلّف به.
وثانيا : نقول : إنّ الخبرين في إثبات الحكم يمكن أن تكون فائدة جعلهما عدم الرجوع إلى الأصل الذي (٢) يكون خارجا عنهما كما (٣) إذا دلّ أحدهما على الوجوب والآخر على الاستحباب ، فإنّه مع عدم الجعل يرجع إلى نفيهما معا ، وكذا في كل مقام يكون الأصل مخالفا لكلّ منهما في الوضعيّات والتكليفيّات.
وثالثا : نقول : فائدة الجعل تعيين الواقع ، ولو تخييرا ؛ فإنّه فرق بين الإباحة وبين التخيير ، من الإتيان (٤) على وجه الوجوب أو الإباحة ، وهذا واضح جدا ، وكونه مخيرا بينهما مستمرا لا ينفي إمكان كون الفعل واجبا إذا اختار خبر الوجوب ، بل له أن يستمر على أخذ خبر الوجوب فيفتي بالوجوب إلى الأبد ، فالتخيير في المقام ليس تخييرا بين الفعل والترك ؛ بل بين أخذ الخبر الدال على الوجوب والحكم بالوجوب (٥) ، وبين أخذ الخبر الدال على الإباحة والحكم بها.
ورابعا : لازم ما ذكره عدم مجعوليّة الأخبار المطابقة للأصول ، ولو مع عدم العارض ؛ لأنّ المفروض أنّه مع عدم الجعل يرجع إلى الأصل المطابق للخبر ، ولا يمكن التفوّه به ، بل لازمه عدم جعل الوجوب في حقّ من أراد الإتيان بالفعل ، إذ المفروض أنّه يأتي بالفعل ؛ فلا فائدة في إيجابه عليه.
وخامسا : إنّ قصد القربة يمكن أن يكون ثمرا ؛ إذ مع عدم الجعل يكون الفعل مباحا ، ومع الجعل يمكن الإتيان به على وجه التعبّد والتدين بأنّه مطلوب الشارع ،
__________________
(١) في نسخة (ب) و (د) : يثبت.
(٢) بعدها في نسخة (ب) : يمكن أن.
(٣) لا توجد كلمة «كما» في كل من نسخة (ب) و (د).
(٤) في نسخة (د) : بين الإتيان.
(٥) قوله «على الوجوب والحكم بالوجوب» لا يوجد في نسخة (د).