في تعداد الوجوه في المسألة من الرجوع إلى الاحتياط ولو كان مخالفا لهما ، يمكن أن يحمل على ظاهره من إرادة الاحتياط المطلق ، وإن كان مخالفا لكل من الخبرين كالمثالين المتقدمين ، ولا يجب أن يحمل على خصوص (١) المخالف ؛ لخصوص كل منهما ، كالمثالين اللذين ذكرهما بدعوى أنّ المفروض أنّه بنى على عدم التساقط بمقتضى الأخبار ، والرجوع إلى الاحتياط المخالف لكليهما بالمعنى الذي ذكرنا ينافي مبناه من عدم التساقط ؛ إذ هو من لوازم التساقط ، وذلك لما عرفت من إمكان أن يكون غرضه من أنّ المستفاد من أخبار عدم التساقط عدم التساقط بحيث يكون الأصل المطابق مرجعا ؛ كائنا ما كان ، والاحتياط بالمعنى المذكور ليس تساقطا بهذا المعنى ، فيكون غرضه أنّ الأخبار المستفيضة تدلّ على عدم سقوط الخبرين كليهما ، بل إمّا (٢) لا يجب (٣) الأخذ بأحدهما مخيّرا أو يجب الأخذ بهما في الجملة ، وتطبيق العمل عليهما ، بمعنى دخلهما ولحاظهما في مقام إدراك الواقع ؛ لا بمعنى أنّ أحدهما أو كليهما حجّة حتى ينافي الاحتياط المطلق.
وممّا ذكرنا ظهر اندفاع ما أورد عليه ـ بعد تخصيص كلامه بالاحتياط المخالف لخصوص كلّ من الخبرين كالمثالين اللذين ذكرهما ـ بأنّ كون الاحتياط مرجعا ولو كان مخالفا لخصوص كل واحد منهما ينافي المبنى الذي ذكره ؛ فضلا عمّا إذا كان مخالفا لهما ، إلا أن يراد من المبنى مجرّد عدم تساقطهما ، وكونهما كأن لم يكن خبر في البين ، بحيث يرجع إلى الثالث من دون تعيين أن يثبت على وجه التخيير أو التعيين ، وهذا المقدار لا ينفع إلا في نفي الثالث ، لا في جواز الأخذ بأحدهما في خصوص مؤداه.
وأنت خبير بأنّه على هذا لا وجه لجعل هذا في (٤) مقابل (٥) الأصل الأولي حيث إنّ قضيّته أيضا ذلك ، إلا أن يقال إنّ الحجّة ـ بناء على الأصل ـ أحدهما في خصوص
__________________
(١) لا توجد كلمة «خصوص» في نسخة (ب).
(٢) لا توجد كلمة «إمّا» في نسخة (ب).
(٣) في نسخة (د) هكذا : إمّا يجب ...
(٤) لا توجد كلمة «في» في نسخة (ب).
(٥) في نسخة (د) : قبال.