الشيء؟ وجهان ؛ والظاهر الأول ، إذ المراد من الإرجاء إرجاء حكم الواقعة ، وأنّ حكمه الواقعي ما ذا؟ ولازم إفادته الاحتياط وجوب الاحتياط في إدراك الواقع.
فإن قلت : إنّ الإرجاء إنّما هو من جهة أنّ الحجّة بينهما ؛ وهي غير معلومة ، ولازمه نفي الثالث.
قلت : المفروض تساويهما في ملاك الحجيّة والمرجّحات ، فلا يعقل أن تكون الحجة أحدهما المعيّن واقعا ، ويكون الإرجاء من جهة أنّ الإمام عليهالسلام عيّن أنّها (١) ما هي ؛ ولا وجه لجعل الحجيّة ما يكون مطابقا للواقع ، إذ ليس المدار في الحجيّة على ذلك ، فيكون المراد إرجاء حكم الواقعة ؛ لا إرجاء تعيين الحجّة ، إذ لو كان هناك مميّز للحجّة عن غيرها بحسب نظر الإمام عليهالسلام غير الأمور المفروض تساويهما فيها وجب عليه بيان نوعه.
نعم ؛ لو كان المراد حجيّة كلّ منهما وأنّ وجوب الاحتياط من جهة ذلك (٢) تمّ ما ذكر من نفي الثالث ، لكنّ المفروض عدم استفادة ذلك من الأمر بالتوقف ، مع أنّ لازم هذا أيضا ليس الاحتياط في جميع المقامات ، إذ لو دلّ أحدهما على وجوب شيء والآخر على عدم وجوبه فكما أنّ الحجّة دلّت على الوجوب فكذلك الحجّة دلّت على عدم الوجوب على التقدير المذكور ، وليس المقام من تقديم المثبت على النافي كما هو واضح.
فإن قلت : فعلى ما ذكرت لا تنفي الأخبار ـ ولو بناء على استفادة الاحتياط منها ـ التساقط ، إذ الرجوع إلى الثالث ـ إذا كان مطابقا للاحتياط ـ من لوازم التساقط والمفروض البناء على عدمه.
قلت : التساقط المبني على عدمه هو التساقط بمعنى كون الخبرين كأن لم يكونا ، بحيث يرجع إلى الأصل كائنا ما كان ، وما ذكر ليس تساقطا بهذا المعنى ، بل هو احتياط ، ولو كان مخالفا للقاعدة ، ومن ذلك يظهر أنّ ما ذكره الشيخ المحقق (قدس سرّه) (٣)
__________________
(١) في نسخة (ب) و (د) : يعين أنّهما.
(٢) بعدها في نسخة (ب) : إذ لو كان مفاد كل منهما وجوب شيء وفرض كونه حجّة وجب الإتيان بهما ...
(٣) أثبتنا هذا من نسخة (د).