الاحتياط ولو كان أحد الخبرين مطابقا للأصول الأخر ، والفرق بينه وبين التوقف الذي جعل مقتضى القاعدة يظهر في الرجوع إلى الأصل المطابق لو كان ، فالتوقف المدلول عليه بالأخبار ـ بناء على استلزامه الاحتياط ـ غير التوقف الذي جعل مقتضى القاعدة ، فلا يرد على الشيخ (قدسسره) (١) ما أورده بعض الأفاضل (٢) من أنّ الأخذ بما طابق منهما الاحتياط أو الاحتياط المخالف ممّا يلزمه التوقف ؛ إذ المتوقف (٣) لا بدّ له من الأخذ كذلك ، وليسا قولين في مقابله حتى يجعلهما قسمين له ؛ بعد بطلانه بالأخبار ، انتهى.
ومن الغريب أنّه جعل كلّا من الأخذ بما طابق منهما الاحتياط فقط ، والاحتياط المخالف من مقتضى التوقف ؛ مع أنّهما متباينان ، إذ الأول احتياط في الجملة ، أي في خصوص صورة مطابقة أحدهما للاحتياط ، دون صورة مطابقتهما معا للاحتياط ، فإنّ مقتضى هذا الوجه التخيير في هذه الصورة ، كما هو مفاد المرفوعة ، والثاني احتياط في كلتا الصورتين ، فكيف يمكن كونهما معا مقتضى التوقف.
ثمّ بعد تصريح الشيخ (قدس سرّه) (٤) بأنّ مقتضى القاعدة التوقف ؛ بمعنى عدم حجية كلّ من الخبرين والرجوع إلى الأصل المطابق لو كان ؛ الذي مقتضاه في صورة مطابقة أحدهما للاحتياط أن يعمل بما دلّ على عدمه ، لا وجه للتفوّه بما ذكره ، وهذا ناش عن المسامحة في المطلب.
ثمّ على تقدير استفادة الاحتياط من أخبار التوقف : هل المراد الاحتياط المطلق ولو كان ثالثا ، بالنسبة إليهما (٥)؟ فلو دلّ كلّ منهما على وجوب شيء واحتمل وجوب أمر ثالث وجب الإتيان بالجميع ، ولو دلّ أحدهما على استحباب شيء والآخر على إباحته ، واحتمل وجوبه وجب الإتيان به ، أو الاحتياط غير الخارج عنهما ، ففي الصورة الأولى يجوز الاقتصار على الأمرين ، وفي الثانية يجوز ترك ذلك
__________________
(١) أثبتنا هذا من نسخة (د).
(٢) هو الميرزا الرشتي في بدائع الأفكار : ٤١٦.
(٣) في نسخة (د) : التوقف.
(٤) أثبتنا هذا من نسخة (د).
(٥) جاء بعد هذا في نسخة (د) : أي الخبرين.