القائل بالترجيح بالاحتياط يقول بأنّ موافقة الأصل مرجّح ـ أيّ أصل كان ـ لا خصوص الاحتياط ، فهذه الفقرة من خبر زرارة غير معمول بها ، فينبغي عدّه من أخبار التخيير ، فههنا (١) طائفتان من الأخبار.
ثمّ لا يخفى أنّ علاج تعارض الطائفتين منحصر في الجمع بحسب الدلالة ، ولا ينظر إلى الترجيحات الصدوريّة ، وذلك لأنّ الظاهر أنّ صدور كلتا الطائفتين قطعي ، والرجوع إلى المرجّحات السنديّة فرع عدم القطع بالصدور ، نعم يمكن الخدشة في صدور كل واحد واحد ؛ فإذا تأملنا في دلالة بعضها يمكن منع صدور البقيّة مثلا من كل واحد من الطرفين ، والفرض أنّ اعتبار المرجّح السندي لمجموع إحدى الطائفتين لا يمكن ، وكذا لا ينظر إلى مرجّح جهة الصدور ، إذ هو إن كان فبالنسبة إلى أخبار التوقف ، إذ هي مخالفة للعامّة ، ومذهبهم التخيير على ما قيل ، ولا يمكن حمل جميع أخبار التخيير على التقيّة ؛ لاشتمال بعضها على الأخذ بمخالفة العامّة (٢) ، وللتعبير في بعضها بالأخذ من باب التسليم (٣) ، وهذا يدل على أنّ الإمام عليهالسلام واجب التسليم لأمره ، فهو مناف (٤) لصدوره تقيّة.
نعم ؛ هذه العبارة لا تنافي الحمل على التقيّة بمعنى الاتقاء ؛ كي لا يعرف الراوي في عمله بغير التخيير في الخبرين المتعارضين ، وعلى فرض جريان هذين النوعين من الترجيح في المقام ، فلا تأمّل في تأخرهما عن الجمع الدلالي ؛ فلا بدّ أولا (٥) من ملاحظة وجوه الجمع.
ثمّ لا يخفى أيضا أنّ عمومات أخبار التوقف والاحتياط لا تنفع في المقام ، إذ أخبار التخيير أخص منها ، فلا يمكن شمولها للمقام ؛ إلا بعد علاج أخبار التخيير بغيرها ، مع أنّها معارضة بعمومات (٦) أخبار البراءة ، وأدلّة سائر الأصول ، وهي وإن
__________________
(١) في نسخة (ب) و (د) : فهنا.
(٢) كما في خبر علي بن مهزيار.
(٣) كما في العيون عن الرضا عليهالسلام.
(٤) أثبتناه من نسخة (ب) و (د) ، وفي نسخة الأصل : مناسب.
(٥) لا توجد كلمة «أولا» في نسخة (ب).
(٦) في نسخة (د) : بعموم.