خلاف عمل الأصحاب ، فلا بدّ إمّا من طرحه أو حمله على ما قبل الفحص ، فيسقط عن الاستدلال ؛ لأنّ وجوب التوقف قبل الفحص مسلّم ، إلا أن يدفع بأنّ عدم العمل بالخبر من جهة لا يقتضي طرحه بالمرّة ، فنأخذ (١) بظاهره من وجوب التوقف ، ولا نعمل به من حيث تقديمه على الترجيح ؛ فتدبّر! (٢).
ومنها : ما في السرائر عن موسى بن محمد قال (٣) : «كتبت إلى أبي الحسن عليهالسلام أسأله عن العلم المنقول (٤) عن آبائك وأجدادك ؛ قلت (٥) : قد اختلف علينا فكيف العمل به على اختلافه والردّ إليك فيما اختلف فيه فكتب : ما علمتم أنّه قولنا فألزموه (٦) ، وما لم تعلموا فردّوه إلينا» ، وهذا الخبر أيضا ظاهر في التوقف وعدم الأخذ بالخبرين ، إلا أنّه لا يبين (٧) الاحتياط ؛ بل هو ساكت عن أنّ الحكم هو الاحتياط أو الرجوع إلى الأصل.
ومنها : خبر سماعة بناء على أحد الوجوه السابقة.
ولا يضر في هذه الأخبار أيضا الاختلاف من حيث ذكر المرجّحات وتركها كما هو واضح ؛ هذا.
ولا يخفى أنّه ينبغي طرح الطائفة الأولى إمّا لما ذكر من أنّ عدّها طائفة مستقلّة مبني على كون الاحتياط مرجعا فيه ، وهو ممنوع ؛ بل الظاهر أنّه مرجّح ، فيدخل في أخبار التخيير ، وإمّا لعدم القائل بالأخذ بالاحتياط أولا ، ثمّ التخيير ؛ كما هو مفادها ، سواء جعل الاحتياط مرجعا أو مرجّحا ، إذ العلماء بين قائل بالتخيير مطلقا ، وبالتوقف كذلك ، أو على التفاصيل المتقدمة ، وأمّا القول بوجوب أخذ الخبر الموافق للاحتياط ومع (٨) عدمه فالتخيير فلم نره ، وإن جعل الاحتياط مرجّحا ؛ إذ
__________________
(١) في نسخة (ب) : فنأخذه.
(٢) أقول : هذا مبتن على التبعيض في حجيّة الحجّة من المفاد الواحد ، فإن تمّ هذا المبنى صح البناء عليه وإلا فلا.
(٣) نقله عنه في البحار : ٢ / ٢٤٥.
(٤) بعدها في نسخة (ب) و (د) : إلينا ، وفي المصدر.
(٥) لا توجد كلمة «قلت» في نسخة (ب).
(٦) في نسخة (د) : فالتزموه.
(٧) في نسخة (د) : لا يبيّن.
(٨) لا توجد كلمة «مع» في نسخة (ب).