بالمرجّحات المذكورة فيها جلّ العلماء في جميع الأخبار المتعارضة ، ولم يناقش أحد (١) منهم فيها بالاختصاص بالموردين المذكورين ، وإذا كان الترجيح كذلك ؛ فالتوقف مثله.
هذا ؛ وأمّا تخيل استفادة العموم منها من حيث استشهاد الإمام عليهالسلام فيها بحديث التثليث فإنّه يدلّ على أنّه عليهالسلام جعل الخبرين المتعارضين من الشبهة ، فيكون قوله : عليهالسلام «إنّما الأمور ثلاثة .. إلى آخره» دليلا على التوقف في كلّ خبرين متعارضين ، فلا وجه له ، وذلك لأنّه لم يجعل الخبرين المتعارضين من الشبهة ، ولم يستدل بحديث التثليث لذلك ، بل جعل الشاذ النادر داخلا تحت الشبهة ؛ وهذا واضح.
ومنها : خبر سماعة السابق ؛ بناء على الاحتمال الذي ذكرنا.
ومنها : ذيل خبر العيون (٢) ، وظاهره التوقف في العمل لقوله عليهالسلام : «وعليكم بالكف والتثبت والوقوف .. إلى آخره» ؛ في مقابل ترخيصه العمل بالخبرين في الفرض السابق ، وإن كان من جهة أنّ الحكم غير إلزامي ؛ لأنّ المقابلة تقتضي عدم الرخصة في العمل في هذه الصورة.
ومنها : خبر سماعة بن مهران (٣) قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام : يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالأخذ ، والآخر ينهانا عنه قال (عليهالسلام) (٤) : لا تعمل بواحد منهما حتى تأتي صاحبك فتسأله عنه ، قلت : لا بدّ أن نعمل بأحدهما ، قال (عليهالسلام) (٥) : خذ بما فيه خلاف العامّة» ، وهذا الخبر كالصريح في التوقف في مقام العمل ، بل صريح ووارد في حق الله أيضا ، إلا أنّه ربّما يستشكل فيه بأنّه لا معنى لعدم العمل بهما في مورده من الدوران بين المحذورين ، فهو مجمل ساقط عن الاعتبار ، لكن قد عرفت دفع هذا الإشكال سابقا.
نعم ؛ يمكن أن يستشكل فيه بأنّه قدّم التوقف على الرجوع إلى المرجّح ، وهو
__________________
(١) هكذا في نسخة (ب) ، وكانت في الأصل : واحد.
(٢) عيون أخبار الرضا : ١ / ٢٤.
(٣) الاحتجاج : ٢ / ١٠٩ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ٤٢.
(٤) أثبتناها من نسخة (ب).
(٥) أثبتناها من نسخة د.