على ما مرّ كما هو مقتضى القاعدة المقرّرة من تقديم (١) النص على الظاهر ، وكونها ظاهرة لا صريحة واضح بالنسبة إلى ما عدا المقبولة.
وأمّا المقبولة ـ فهي كالصريحة في الوجوب باعتبار التعليل بقوله «فإنّ الوقوف ..
إلى آخره (٢) ـ فإنّ الاقتحام في الهلكة حرام وتركه واجب ، إلا أن يقال إنّ التعليل لأدنى مناسبة ؛ يعني أنّ الإرجاء في المقام مستحب ؛ لأنّ العمل بأحد الخبرين كارتكاب الشبهة ، وارتكاب الشبهة حرام ، وإذا كان هذا حراما ففعله (٣) مرجوح ، وتركه مستحب ؛ فتأمّل (٤)!
ويؤيد ذلك استبعاد كون صورة التساوي في المرجّحات من الشبهة ، وكون صورة وجود مثل الأعدليّة في الجملة خارجة عنها.
ودعوى : أنّ خروجها من جهة أنّ الشارع جعل الحجّة خصوص خبر الأعدل ؛ بخلاف صورة التعادل فإنّه لم يجعل شيئا من الخبرين حجة ؛ فيصدق عليه الشبهة.
مدفوعة : بأنّ الظاهر أنّ نفس الواقعة من حيث هي من الشبهة ، بخلاف صورة وجود الأعدليّة مثلا ، فإنّها ليست منها من حيث هي لا بملاحظة جعل الشارع ، وإلا أمكن في المقام أيضا جعل التخيير ليخرج من الشبهة ؛ فتدبّر!
أو يقال إنّ المراد من الهلاكة الوقوع في خلاف الواقع ؛ لا العذاب والعقاب ، فلا ينافي كون ترك الشبهة مستحبا لا واجبا ، ويؤيد ذلك أنّه لو لا الحمل على هذا يلزم القول بوجوب الاحتياط في الشبهة البدويّة أيضا ؛ لما عرفت من عدم إمكان التخصيص بالخبرين ؛ مع أنّا لا نقول به بل نحمل أخبار التوقف في تلك المسألة على الاستحباب.
__________________
(١) في نسخة (د) : تقدم.
(٢) غير موجودة كلمة «الى آخره» في نسخة (ب) و (د).
(٣) لا توجد كلمة «ففعله» في النسخة (ب) ، والموجود في النسخة (د) هكذا : وإذا كان هذا حراما تركه فشبهه مرجوح وتركه مستحب.
(٤) لعلّ وجه التأمل أنّ مرجوحيّة فعل ما اتصف بالحرمة لا تستلزم فقط استحباب تركه ؛ بل وجوبه هذا أولا ، وثانيا : أنّ هذا قد أخذ فيه ما هو أشبه بالمصادرة على المطلوب إلا وهو تشبيه ذلك بارتكاب الشبهة وأنّ ارتكابها حرام ، وهذا أوّل الكلام ؛ إذ المناقشة في الدليل على حرمة ارتكاب الشبهة واضحة جدا.