الدّين والميراث ليس مضطرا ، لإمكان عدم فصل الخصومة بينهما مثلا ، والشاهد لهذا الجمع خبر سماعة بن مهران حيث أمر أولا بالتوقف ، وبعد قول الراوي ـ لا بدّ من العمل ـ حكم بالأخذ بمخالف العامّة ، وهو وإن لم يكن فيه ذكر التخيير إلا أنّه إذا كان الترجيح مخصوصا بحال الاضطرار فالتخيير أيضا كذلك ، بل بالأولى ، أو يقال إنّ التخيير متأخر عن الترجيح ، فإذا كان الترجيح في حال الاضطرار فيختص (١) التخيير أيضا به ؛ لأنّه متأخر عنه ؛ فتدبّر (٢)!.
وفيه : إنّ الخبر غير معمول به بالنسبة إلى الترجيح ، فلا يثمر بالنسبة إلى التخيير أيضا ، وليس اختصاص التخيير بحال الاضطرار مدلولا للخبر حتى يقال عدم العمل بالنسبة إلى الترجيح لا يضرّ بالنسبة إلى التخيير ، كما هو واضح.
هذا ؛ مع إنّ هذا الوجه في الحقيقة يرجع إلى اختيار القول بالتخيير ؛ إذ في زمان الغيبة جميع الوقائع مضطر العمل (٣) ، إذ لا يمكن تأخيرها أبدا ، والتي يمكن عدم التعرض لها بالمرّة نادرة غايته ، فمثل واقعة الدّين والميراث ، لا يمكن تأخيرها إلى الأبد .. وهكذا.
مع أنّه ليس المراد من التوقف إرجاء الواقعة ؛ بل الاحتياط في العمل حسبما هو المفروض ، فلا وجه للتفصيل بين ما يمكن إرجاؤه وبين غيره ، بل المناسب أن يفصل بين ما يمكن فيه الاحتياط ، وبين غيره ؛ فتدبّر!.
السادس : ما عن الأمين الاسترابادي وصاحب الوسائل (٤) في أحد وجهيه : من حمل أخبار التوقف على حقوق الناس ، وأخبار التخيير على حقوق الله ، وذلك (٥) لشهادة المقبولة ؛ حيث إنّها مختصة بحقوق الناس ، وهي وإن كانت مختصة بالدّين
__________________
(١) في نسخة (د) : فيخصّص.
(٢) لا توجد هذه الكلمة «فتدبر» في نسخة (ب) و (د).
(٣) وصف للمضاف وهو (جميع) ؛ والمقصود أنّ كل الوقائع في زمان الغيبة لا تحتمل الانتظار ، إمّا باعتبار الحاجة للعمل ، وإمّا بلحاظ أنّ التأخير حتى يلقى إمامه غير محدّد بزمان لعدم معرفة زمان ظهور الحجّة ـ روحي لتراب مقدمه الفداء ـ من قبل أحد.
(٤) إشارة لما ذكره في الوسائل : ٢٧ / باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، في ضمن تعليقه على الحديث السادس ، التاسع عشر ، التاسع والثلاثين ، وقد مرّ نقلنا لبعض ذلك.
(٥) في نسخة (د) : فذلك.