بيان ذلك : إنّه لو قدم الجمع المشهور بأن قيّد أخبار التخيير بزمن الغيبة ، فتكون بعد هذا القيد أعمّ من وجه من المقبولة المقيّدة بحق الناس ؛ لأنّ أخبار التخيير على هذا خاصّة بزمن الغيبة ؛ لكنّها أعمّ من حقّ الله وحق الناس ، والمقبولة خاصّة بحق الناس ؛ لكنّها أعمّ من الغيبة والحضور ، فتنقلب الأخصيّة المطلقة إلى العموم من وجه ، ولو أخذ أولا بجمع الاسترابادي وقيّد مطلقات التخيير بحق الله ؛ بمقتضى المقبولة ، فتنقلب النسبة بينها وبين مطلقات التوقف بعد أن كانت بالتباين إلى العموم المطلق ، لأنّ أخبار التخيير أخص منها حينئذ ، فلا يمكن تقديم أخبار التوقف ، بل يجب الأخذ بأخبار التخيير ، لمكان خصوصيّتها ، فلا بدّ حينئذ من الحكم بالتخيير في حق الله مطلقا في زمن الغيبة والحضور ، كما أنّه على الأول لا يمكن تقديم المقبولة حتى يختص التخيير بحق الله ؛ بل تبقى المعارضة والإشكال بعد تخصيص التخيير بزمن الغيبة.
وأجاب عنه :
أولا : بأنّ انقلاب النسبة باطل ، والمدار في ملاحظة النسبة على تمام المدلول قبل التخصيص والتقييد ، فكل من الخاصّين يردان دفعة على العمومات (١) ، فالمقبولة لكونها أخص ، وسائر أخبار التوقف لكونها أظهر يردان دفعة على أخبار التخيير ، وينتج ما ذكرنا.
وثانيا أنّ أعميّة المقبولة ـ على تقدير الأخذ بالجمع المشهور أولا بمقتضى قلب النسبة ـ لا تضر في وجوب تقديمها ، وفي صلاحيتها لتخصيص أخبار التخيير بعد خروج التوقف في حق الناس في زمن الحضور عن مورد الابتلاء ؛ لأنّها حينئذ كأنّها أخص مطلقا من أخبار التخيير ، وإن كانت من حيث الواقع أعم من وجه ، فلا مانع من التخصيص .. وهكذا (٢) الكلام بالنسبة إلى جمع الاسترابادي (٣) ؛ يعني لو قدّمنا
__________________
(١) أي أنّ الأدلة المخصصة أو المقيدة بأجمعها نسبتها إلى العمومات والمطلقات نسبة واحدة وفي عرض واحد ، ولحاظها للعموم في زمان واحد فلا يتم القول بانقلاب النسبة المتوقف على اختلاف مراتب لحاظ نسبة المخصصات إلى العموم.
(٢) في النسخة (ب) : وهذا.
(٣) في النسخة (ب) : بدل «الأسترآبادي» كتب «الكاشاني».