أولا : أنّه لا محل لما ذكر من إلحاق صور (١) غير الإلزاميّات بالإجماع المركب ؛ لأنّه كما أنّ الإلزاميّات داخلة تحت الفقرة الأخيرة ، فكذلك غير الإلزاميات التي لا توافق (٢) سنّة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فلا وجه للإلحاق بعد كون الخبر مفصّلا ؛ مع أنّ الإجماع المركب في مثل المقام ممنوع كما عرفت.
وثانيا : إنّ هذا الخبر ليس ناظرا إلى التخيير بين الخبرين من حيث إنّهما خبران ، كما بيناه سابقا ؛ كيف ولو كان المراد ذلك لزم التخيير ، ولو مع وجود المرجّح ، وهو موافقة أحدهما للسنّة ، وهذا باطل ، فلو دلّ أحدهما على استحباب شيء والآخر على كراهته مثلا (٣) ، وفرض أنّ السنّة مطابقة لأحدهما ، فلا يعقل التخيير ، وهذا يعيّن ما ذكرنا من أنّ المراد جواز العمل بالخبرين من حيث إنّ الحكم غير إلزامي ، ويجوز تركه ، وهذا واضح غايته ؛ خصوصا بعد التأمّل في تمام الخبر فراجع.
الثامن : ما عن بعض الأفاضل (٤) من الجمع بين جمع المشهور وجمع الاسترابادي والكاشاني ؛ فيحمل أخبار التخيير على التخيير في زمان الغيبة في حقّ الله تعالى تخييرا عمليّا ؛ لأنّ المقبولة خاصّة بحق الناس ؛ فهي أخص مطلقا من مطلقات التخيير فتقيّدها بحقوق الله تعالى (٥) ، وسائر مطلقات التوقف أظهر من أخبار التخيير من حيث الحضور ، وهي أظهر في زمان الغيبة من حيث إنّها القدر المتيقن منها فيؤخذ بأظهريّة كلّ في مقابل الظاهر من الآخر ، وكذا بالنسبة إلى الفتوى والعمل ، فإنّ أخبار التوقف أظهر في التوقف من حيث الفتوى ، وأخبار التخيير أظهر في التخيير من حيث العمل.
ثمّ أورد على نفسه سؤالا وهو : إنّه لا يمكن الأخذ بجمع المشهور والاسترابادي معا ، لأنّ كلّ واحد منهما قدّم في الأخذ منع من الأخذ بالآخر ؛ لمكان انقلاب النسبة.
__________________
(١) جاء في نسخة (د) هكذا : من إلحاق بقيّة صور غير ...
(٢) في نسخة (ب) و (د) : لم توافق.
(٣) جاء في نسخة (د) هكذا : فلو دلّ أحدهما على استحباب والآخر على كراهته ...
(٤) بدائع الأفكار : ٤٢٣ ـ ٤٢٤.
(٥) لا توجد كلمة «تعالى» في النسخة (ب).