منه التخيير بين الفعل والترك ، لا الخبرين ، وخبر الحميري ضعيف ، مع أنّه فيه الإشكال السابق ، فلعلّ عدول الإمام عليهالسلام عن جواب الواقعة إلى بيان التخيير لمصلحة ، لا لبيان أنّ الحكم في التعارض ذلك ، فتدبّر.
وعلى فرض الإغماض عن الوجه المذكور ، وعدم تماميّة شيء من الوجوه السابقة نقول ـ بعد اللّتيا والتي ـ : لا ينبغي التأمّل في رجحان العمل بأخبار التخيير في زماننا هذا ، وذلك لأنّها أظهر دلالة ، وأبعد عن الحمل على خلاف ظاهرها من عموم التخيير ، مع أنّها أكثر عددا ، وموافقة لعمل الأصحاب ، وأخبار التوقف على العكس من ذلك (١) ، فنحملها على أحد المحامل المتقدّمة (٢) ، أو بعضها (٣) على بعضها ، وآخر على آخر ، أو نقول : بعضها ضعيف السند ؛ فلعلّه غير صادر ، والبعض الآخر يمكن حمله على أحد الوجوه المذكورة.
وكيف كان ؛ فالحكم ما ذكر من التخيير وإن لم يتعين تحملها (٤) ؛ لكفاية وجوده واحتماله بعد الترجيح.
هذا ؛ ولو فرضنا تكافؤ الطرفين ، وعدم وجود جمع صالح في البين :
فإن قلنا : إنّ مقتضى القاعدة في تعارض الخبرين التخيير فيتخير بينهما فيجوز له أيضا أخذ أخبار التخيير ، والحكم بالتخيير بين الخبرين ، بل التخيير هنا ملازم للتخيير في المتعارضين ؛ غاية الأمر جواز ترك العمل بأخبار التخيير ، وأخذ أخبار التوقف ، وهذا لا يضرّ إلا إذا قلنا إنّ التخيير بدويّ ، فإنّه لو أخذ بأخبار التوقف يجب عليه التوقف في جميع موارد المتعارضين ، أو قلنا بأنّه استمراري وأخذ بها (٥) فإنّه ما دام آخذا بأخبار التوقف يجب عليه الاحتياط في تعارض الخبرين ، لكنّ هذا (٦) المقدار لا يضر.
__________________
(١) كلمة «من ذلك» لا توجد في نسخة (ب).
(٢) في نسخة (د) : السابقة.
(٣) في نسخة (د) : لبعضها.
(٤) في نسخة (ب) و (د) : محملها.
(٥) لا توجد كلمة «وأخذ بها» في نسخة (ب).
(٦) في نسخة (د) : لكنّه بهذا ...